إيران تخصب.. وإسرائيل تضرب.. وأمريكا تسجل!.

بقلم – حذامي محجوب

رئيس التحرير

مصادر استخباراتية أمريكية أرجعت إلى إسرائيل الحادث الذي استهدف شبكة توزيع الكهرباء في منشأة نطنز النووية يوم الاحد 11 ابريل 2021.

عملية تعطيل طالت مجمع الشهيد احمدى روشن لتخصيب اليورانيوم في هذه المنطقة الواقعة في وسط إيران.

هذا ما أعلنته منظمة الطاقة الذرية الإيرانية. وقد طالب علي اكبر صالحى المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتصدي لهذا “الإرهاب” الذي يستهدف النووي الإيراني.

تزامن هذا التخريب مع عودة المفاوضات بين واشنطن وطهران من اجل الرجوع إلى الاتفاق النووي الإيراني.

وسائل إعلام إسرائيلية صرحت ان الموساد هي التي قامت بهذا الهجوم، وقد أسفر عن خسائر هامة في حين ان مدير منظمة الطاقة الذرية الإيرانية لم يقدم اي تفاصيل عن هذا التخريب ولا عن قيمة الخسائر.

في إسرائيل يختلف الامر بين وسائل الإعلام حول الأسباب المباشرة للتخريب، تتحدث القناة التلفزية العمومية بالإشارة إلى مصادر استخباراتية عن هجمة الكترونية قامت بها الموساد، اما القناة 13 فهي ترجع ذلك إلى حمولة ناسفة وضعت مباشرة في المنشأة، ويعلن الخبير العسكري “الون بن ديفد” أن هذا التخريب يجعل إيران تخسر قدرتها على تخصيب اليورانيوم في هذه المنشأة التي تتضمن تقريبا 7000 جهاز طرد مركزي، ويعتبر نفس الخبير العسكري ان ارجاع نسق العمل يتطلب شهورا عديدة، هذا التحليل يتطابق مع ما ورد في جريدة “النيويورك تايمز” على لسان مسؤولين من المخابرات الأمريكية ” لقد تسبب الانفجار في تخريب شبكة توزيع الكهرباء التي تزود أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم وتحتاج إيران إلى 9 أشهر على الأقل لتستعيد قدرتها على الإنتاج في هذه المنشأة.

في أوج محادثات فيينا التي تحاول إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم بين الولايات المتحدة وإيران سنة 2015 والذي تنكر له دونالد ترامب ولم تنسحب منه البلدان الأخرى ( المانيا، الصين، فرنسا، بريطانيا وروسيا )، وصف السيد م. الصالحى هذا التخريب الذي استهدف نطنز بفشل “المعارضين لهذه المفاوضات” خاصة وان إيران قد اعربت عن استعدادها لاحترام التزاماتها التي تعهدت بها في اتفاق 2015 في مقابل أن يقع رفع العقوبات التي فرضتها عليها واشنطن سنة 2018.

وفي مراسم بثها التلفزيون الحكومي الإيراني على المباشر، قام الرئيس حسن روحانى بتدشين سلسلة متكونة من 164جهاز للطرد المركزي من نوع ” آي-ار6” في منشأة نطنز النووية، كما أطلق تغذية بغاز اليورانيوم لسلسلتين أخريين تتضمن الأولى 30جهازا من ” آي-ار-5”، والثانية 30 جهازا ” آي-ار-6” لاختبارها.

يبدو ان اجهزة الطرد هذه لها قدرة فائقة وسريعة على تخصيب اليورانيوم باحجام كبيرة وبدرجة من التصفية المحظورة بمقتضى اتفاق 2015.

وقد اتهم الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو طهران بأنها تحرص بكل تكتم على امتلاك السلاح النووي وهي لا تحترم اتفاقها النووي. كما ان نتانياهو يعتبر ان اتفاق 2015 لا يشكل ضمانا كافيا لأمن إسرائيل في المنطقة، ويعتبر ان أي اتفاق في المنطقة مع إيران يسمح بالأسلحة النووية لن يكون ملزما لإسرائيل. هذا ما صرح به يوم الاربعاء 7 ابريل معلقا على مفاوضات فيينا، معتبرا كذلك ان التصدي لإيران في مجهوداتها للتسلح هو أمر بالغ الأهمية، وقد قال هذا الكلام يوم الاحد امام مجموعة من ممثلي الموساد ومسؤولي الأمن والجيش الإسرائيلي بمناسبة الذكرى 73 لتاسيس الدولة العبرية.

لقد ضاعفت إسرائيل الجهود من اجل تعطيل النووي الإيراني، ففي سنة 2010 وفي عملية مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية اطلقت إسرائيل فيروسا إعلاميا ” “ستاكسنات ” لتخريب موقع نطنز فدمر اكثر من 1000 جهاز طرد مركزي. وفي مطلع يوليو 2020 تعرض مصنع لتجميع اجهزة الطرد المركزي لاضرار كبيرة بسبب انفجار غامض وخلصت السلطات إلى تخريب من اصل ارهابي لايقاف عمل المنشأة. وفي نًوفمبر 2020 تعرض مهندس البرنامج النووي الإيراني محسن فخرى زاده بالقرب من طهران إلى عملية اغتيال، وارجعت السلطات الإيرانية هذا الاغتيال إلى إسرائيل.

كذلك فان عملية التخريب الاخيرة التي استهدفت منشأة نطنز فهي تعود حسب علي وايز المكلف بالملف الإيراني بالمجمع الدولي للازمات هو سيناريو” ربح ربح لإسرائيل “

ويفسر ذلك بانه في صورة ما لم تقم إيران بالرد على هذا الاعتداء لكي لا تقطع الطريق على المساعي الديبلوماسية فهذا يعني انتصار إسرائيل وشلها للبرنامج النووي. اما اذا اختارت طهران الرد على هذا التخريب فهذا سيؤثر وسيحول وجهة المفاوضات الدبلوماسية النووية وهذا هو هدف إسرائيل “.

وقد نجح هذا الاستفزاز الإسرائيلي بان جعل العديد من الاصوات في إيران تتعالى مطالبة بايقاف التفاوض بخصوص تخصيب اليورانيوم لاسيما من المحافظين كعبد الله خانجي مالك صحيفة “جاوان “والقريب من الحرس الثوري الذي صرح في تغريدة على تويتر ” لو كانت بيدي السلطة لاوقفت حالا الاتفاق النووي “.

كلنا يعرف بان باراك أوباما قد جعل الاتفاق النووي مع إيران محور دبلوماسيته في المنطقة. وباسم حقوق الإنسان، انتقد مرارًا المملكة العربية السعودية وإسرائيل، رغم انهما حليفان للولايات المتحدة. اما دونالد ترامب فقد ذهب إلى عكس ذلك تماما. لقد اعتمد بوضوح على الرياض، وسحب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني لسنة 2015، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وحث إسرائيل على تطبيع العلاقات مع جيرانها.

أما جو بايدن فيبدو على الأقل انه غير متحمس لفكرة الشروع في أي مغامرة عسكرية، فهل يترك جو بايدن المجال لروسيا، ولكن هل لديها الوسائل لتصبح الفاعل الفعلي الجديد في الشرق الأوسط؟

ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الصين التي وقعت اتفاقية تعاون استراتيجي مع إيران في 27 آذار ؟

لعل كل هذا التغير الجيو – استراتيجي في المنطقة وتغير السياسة الأمريكية من الجمهوريين إلى الديمقراطيين هو الذي جعل إسرائيل تعتمد على نفسها لتعطيل عودة المفاوضات بل وحتى افشالها.