بقلم – أ. حذامي محجوب: رئيس تحرير
مفارقة كبرى نعيشها في بلادنا.
كلما انتشرت وسائل التواصل لدينا، كلما انقطع الحوار بين الناس.
كلما كثرت المعلومات والمعطيات وتواترت الأخبار والأحداث وتفاصيلها كلما تعطل الحوار والفهم.
يمكن تلخيص التواصل بهذه العبارة ل “بيرنارد فيربير”: “بين ما أفكر فيه،
ما أريد أن أقوله،
ما أعتقد أنني أقوله،
ما أقوله،
ما تريدون سماعه،
ما تسمعونه،
ما تعتقدون أنكم تفهمونه،
ما تريدون فهمه،
وما تفهمونه،
هناك على الأقل تسع فرص لعدم الفهم.”.
التواصل صعب جدًا، لأن الناس مليئون بالأحكام المسبقة.
كلّ يحمل وراءه نوازعه ورغباته ومخاوفه وعقده وأطماعه ….
الناس يفهمون بشكل خاطئ.
لأن معظمهم على عكس ما يبدو، يواجهون صعوبات في التعبير وما خفي أعظم، فالأغلبية يواجهون صعوبات في الاستماع.
لا يزال هناك عمل ضخم على المربين والمثقفين والإعلاميين القيام به.
نحن في فجر التواصل.
من الغريب أنه الآن لدينا أدوات منتشرة وقوية للغاية يمكننا التواصل بسهولة ولكننا لا نستخدم هذه الوسائل للفهم بل نستخدمها فقط للإغراق في الوهم والابتعاد عن الواقع.
كلما زادت الأدوات التي نملكها للتواصل، قل تواصلنا لأنها تفرض علينا مضامين نظن أننا اخترناها.
أما اكبر عائق أمام التواصل،
فهو أننا لا نستمع اليوم للفهم ولا نمهل عقولنا لتستوعب الأحداث.
بل نستمع للرد بنقرة.
معرفة الاستماع فن فقدناه، انه فن إتقان الصمت لإفساح المجال للآخر للتعبير، انه ليس كسلا بل هو جهد حقيقي وهو القدرة على الصبر والاستماع، وهو النشاط الحقيقي الذي لا يتقنه إلا العاقل.
نحن في زمن سيطر فيه التواصل في حين ان ما هو عاجل هو التأمل والتفكر.
علينا ان نفكر في مضمون ما نتواصل؟.
وعلينا ان نفكر في ان نتواصل مع من؟.
هل نقحم المشاعر والعواطف في مضامين تواصلنا؟.
ما تزال لدينا أشواط طويلة علينا قطعها لكي نصل إلى إرساء قواعد الحوار في هذا الزمن الصعب…
إذا اردنا الاّ نكون لقمة سائغة في صراعات سياسية ومصلحية ليست بالضرورة تعنينا.
اليس ثمن الحرية هو اليقظة الدائمة، باعتبار انها في النهاية، سوى حقنا في أن نكون مختلفين؟.