الرباط – عرب 21:
قال العاهل المغربي الملك محمد السادس إنه اذا كان الزلزال ” يخلف الدمار، فإن إرادتنا هي البناء وإعادة الإعمار”،مشددا على ضرورة مواصلة تقديم المساعدة للأسر المنكوبة، والإسراع بتأهيل وإعادة بناء المناطق المتضررة، وتوفير الخدمات الأساسية.
وأشار ملك المغرب،في خطاب وجهه إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة،التي حضرها رئيس مجموعة البنك الدولي، أجاي بانغا،ورئيسة صندوق النقد الدولي،كريستالينا جورجييفا،إلى انه رغم هول الفاجعة،فإن ما يخفف من مشاعر الألم،ويبعث على الاعتزاز،ما أبانت عنه فعاليات المجتمع المدني، وعموم المغاربة، داخل الوطن وخارجه، من مظاهر التكافل الصادق، والتضامن التلقائي، مع إخوانهم المنكوبين.
ونوه العاهل المغربي بالتضحيات،التي قدمتها القوات المسلحة الملكية، ومختلف القوات الأمنية، والقطاعات الحكومية،والإدارة الترابية،لإنقاذ ومساعدة سكان المناطق المتضررة، وجدد عبارات الشكر، للدول الشقيقة والصديقة، التي عبرت عن تضامنها مع الشعب المغربي، ووقفت إلى جانبه في هذا الظرف الأليم.
وقال العاهل المغربي ان الفاجعة أظهرت انتصار القيم المغربية الأصيلة التي مكنت المغرب من تجاوز المحن والأزمات، “والتي تجعلنا دائما أكثر قوة وعزما، على مواصلة مسارنا، بكل ثقة وتفاؤل “.
واضاف:”تلك هي الروح والقيم النبيلة، التي تسري في عروقنا جميعا،والتي نعتبرها الركيزة الأساسية،لوحدة وتماسك المجتمع المغربي”،مشيرا الى انها قيم وطنية جامعة،كرسها دستور البلاد،وتشمل كل مكونات الهوية المغربية الأصيلة،في انفتاح وانسجام مع القيم الكونية.
وخص ملك المغرب محمد السادس بالذكر القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة وهي: القيم الدينية والروحية،و في مقدمتها قيم الإسلام السني المالكي،القائم على إمارة المؤمنين، الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال، والانفتاح على الآخر، والتسامح والتعايش مع مختلف الديانات والحضارات، وهو ما يجعل المغرب، يقول ملك المغرب، نموذجا في العيش المشترك، بين المغاربة، المسلمين واليهود، وفي احترام الديانات والثقافات الأخرى والقيم الوطنية التي أسست للأمة المغربية، والقائمة على الملكية، التي تحظى بإجماع المغاربة، والتي وحدت بين مكونات الشعب المغربي، وعمادها التلاحم القوي والبيعة المتبادلة، بين العرش والشعب، مشيرا الى أن حب الوطن،والإجماع حول الوحدة الوطنية والترابية، من ثوابت المغرب العريقة، التي توحد المغاربة، وتشكل الإطار الذي يجمع كل روافد الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتنوعها.وقيم التضامن والتماسك الاجتماعي، بين الفئات والأجيال والجهات، التي جعلت المجتمع المغربي كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا.
ودعا الملك محمد السادس إلى مواصلة التشبث بهذه القيم،اعتبارا لدورها في ترسيخ الوحدة الوطنية، والتماسك العائلي، وتحصين الكرامة الإنسانية، وتعزيز العدالة الاجتماعية. وخاصة في ظل ما يعرفه اليوم، من تحولات عميقة ومتسارعة، أدت إلى تراجع ملحوظ في منظومة القيم والمرجعيات، والتخلي عنها أحيانا. واشار عاهل المغرب انه في إطار القيم الوطنية، التي تقدس الأسرة والروابط العائلية، تندرج الرسالة التي وجهها إلى رئيس الحكومة، بخصوص مراجعة مدونة ( قانون) الأسرةز.
وقال “إن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، حسب الدستور،لذا نحرص على توفير أسباب تماسكها “، مشيرا الى أن المجتمع لن يكون صالحا، إلا بصلاحها وتوازنها. وإذا تفككت الأسرة يفقد المجتمع البوصلة.
وزاد ملك المغرب قائلا:”ما فتئنا نعمل على تحصينها بالمشاريع والإصلاحات الكبرى.ومن بينها ورش تعميم الحماية الاجتماعية،الذي نعتبره دعامة أساسية،لنموذجنا الاجتماعي والتنموي.
وقال “سنشرع،بعون الله وتوفيقه،في نهاية هذه السنة،في تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر”.
وأوضح ملك المغرب انه تجسيدا لقيم التضامن الاجتماعي،الراسخة عند المغاربة “فقد قررنا ألا يقتصر هذا البرنامج، على التعويضات العائلية فقط؛بل حرصنا على أن يشمل أيضا بعض الفئات الاجتماعية،التي تحتاج إلى المساعدة. ويهم هذا الدعم، يقول ملك المغرب،الأطفال في سن التمدرس، والأطفال في وضعية إعاقة؛والأطفال حديثي الولادة؛ إضافة إلى الأسر الفقيرة والهشة، بدون أطفال في سن التمدرس، خاصة منها التي تعيل أفرادا مسنين.
وذكر الملك محمد السادس انه بفضل أثره المباشر، سيساهم هذا البرنامج،في الرفع من المستوى المعيشي للعائلات المستهدفة،ومحاربة الفقر والهشاشة، وتحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية،مشيرا الى ان المجتمع يكون أكثر إنتاجا وأكثر مبادرة، عندما يكون أكثر تضامنا، وأكثر تحصينا أمام الطوارئ والتقلبات الظرفية.
واعلن العاهل المغربي انه وجه الحكومة لتنزيل هذا البرنامج، وفق تصور شامل، وفي إطار مبادئ القانون – الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، الذي صادق عليه البرلمان، مشددا على ضرورة تفعيله بطريقة تدريجية، تراعي تطور الاعتمادات المالية المرصودة،وتحدد المستوى الأمثل للتغطية، ومبالغ التحويلات المالية وكيفيات تدبيرها. وأضاف “ينبغي أن يشكل نموذجا ناجحا في تنزيله، على أساس نظام الاستهداف الخاص بالـسجل الاجتماعي الموحد،وأن يستفيد من الفعالية التي توفرها التكنولوجيات الحديثة.
وشدد الملك محمد السادس على ضرورة احترام مبادئ التضامن والشفافية والإنصاف، ومنح الدعم لمن يستحقه، داعيا الحكومة للعمل على إعطاء الأسبقية، لعقلنة ونجاعة برامج الدعم الاجتماعي الموجودة حاليا، وتأمين استدامة وسائل التمويل. واشار ملك المغرب ايضا على ضرورة اعتماد حكامة جيدة لهذا المشروع، في كل أبعاده، وأن يتم وضع آلية خاصة للتتبع والتقييم،بما يضمن له أسباب التطور والتقويم المستمر.