الافتتاحية بقلم حذام محجوب – رئيس التحرير: حب… تونسي ولادة ونشاة..!

انّه أشدّ أنواع السحر فاعلية. أليس يقولون أنّ الأرواح تتخاطبُ بغير إحساسٍ البتّة. حين نحب لانختار من نحب، لكن القدر يقودنا لأشخاص، كلما ازداد حبنا لهم تضاعف خوفنا من الاساءة اليهم.

“عرب 21”.. تقول لكم “احبوا بعضكم بعضا!” هل هناك أروع من المحبة بلسما في عصر انتشرت فيه الانانية وثقافة الضغينة والعنف؟ الحب جميل، لانه لايعترف بالحدود، وله قدرة على تجاوز الاختلافات وخلق المعجزات. انه اعظم مدرسة نتعلم فيها لغة الابداع.

“عرب 21 “ تتمنى لكم اجمل الاعياد، وتروي لكم أصل عيد الحب الذي يحتفل به العالم اليوم.

فماهو السر العميق وراء هذا العيد الذي يتسارع المحبون فيه الى تقديم وتبادل الهدايا كعربون محبة وتعلق بالمحبوب؟ يبدو أن القديس الجلاصي الأول Gelasius I هو الذي أطلق عيد الحب عالميا من هناك، من روما منذ قرون بعيدة.

الى ان أصبح عيد الحب، عيد جميع المحبين في جميع أنحاء العالم. عيد الحب أو يوم القديس فالانتان Saint -Valentines هو مناسبة وذكرى يحييها الانسان كل سنة للتذكير والاعتبار.

فأما التذكير، فيتعلق بما كان يلقاه المسيحيون الأول من اضطهاد من روما الوثنية، لا سيما في الشرق العربي وفي الشمال الافريقي، حيث انتشرت المسيحية عقيدة دينية وثقافة مقاومة للاستعمار الروماني.

أما الا عتبار، فهو أن عيد الحب قد حل مكان عادة رومانية فاسقة سموها عرس الذئاب les lupercales وهو إحياء سنوي لأسطورة الذئبة التي تخلت عن صغارها لترضع رومولوس مؤسس روما على ما يسطر فيرجيل VIRGILE، وما كان لروما وقد اعتنقت الديانة المسيحية أن تبقي على هذه التظاهرة التي أصبحت أقرب الى الخرافة، لذلك اتخذ البابا الجلاصي الأول Gelasius I وقد أصبح سيد روما والقسطنطينية معا، وهو تونسي أمازيغي “جلاصي”، يوجد هذا اللقب العائلي في تونس الى اليوم قرارا بحذف احتفالات عرس الذئب التي لم تزل موجودة في الأساطير التونسية، “في فبراير عادة ما تنزل المطر والشمس مشرقة فيسمي التونسيون ذلك عرس الذئب ” وقد حذف الجلاصي 1 هذه العادة ليعوضها بعرس الحب الطاهر وسماه باسم القديس فالنتان لأن هذا القديس قد قتله الرومان في يوم 14 فبراير باعتباره كان يزوج الشبان المسيحيين على شريعة عيسى بدل القانون الروماني.

للتذكير فإن القديس الجلاصي الثاني هو الذي حدد للمسيحيين حتى اليوم طقوسهم وأعيادهم، والأهم من ذلك هو الذي أخرج النسخة الرسمية للأناجيل الأربعة المتوارثة حتى اليوم وفصلها عن الأناجيل المنتحلة أو المحرفة التي كان المسيحيون يتعبدون بها عن جهل و قلّة معرفة..

ان الجلاصي الأول في المسيحية ، يقوم بشكل ما مقام الخليفة عثمان ابن عفان بالنسبة للمسلمين ،فالجلاصي الأول قد حدد للنصارى الأناجيل الأربعة، أما عثمان بن عفان عليه السلام فقد أهدانا نحن المسلمين النص القرآني الصحيح بجمعه وحفظه.

بالإضافة الى ذلك كله، كان القديس الجلاصي الأول هو أول من وضع للانسانية وثيقة رسمية واضحة يحدد فيها خطوط الفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية، حتى لايختلط الديني المطلق بالدنيوي النسبي فيدنس الدين وتفسد السياسة.

وذلك في رسالة بعث بها الى امبراطور القسطنطنية اي بيزنطا الروم والاغريق واسطنبول المسلمين اليوم.. لذلك حق لكل انسان في العالم أن يعتبر تخصيص الحب باحتفال سنوي، شكلا من أشكال النضال من أجل نشر قيم المحبة والتسامح من ناحية كما يحق لنا نحن التونسيون والتونسيات أن نفتخر بان يكون ضمن أحد اجدادنا وضمن أحد الحضارات الوافدة على بلادنا عبر التاريخ مصدرًا وأصلا لتلك الثقافة، ومعينا لتلك الروح التائقة للخير والتي أضاف لها الاسلام خيرا على خير بحلوله ببلادنا باعتباره دين خير و محبة و سلام.

“عرب 21” هي لمعة العين التي ستشتعل بابداعاتكم، هي الابجدية التي تنطقها كلماتكم… اليس العاشق هو الذي يرى في محبوبته أكثر مما يرى كل الناس…

“عرب 21″….. تقول لكم كل عام وانتم الحبّ ..
“عرب 21″….. هي لكم انتم ايّها الاحبّاء .

حذام محجوب: رئيس تحرير موقع عرب 21