التأسيس السعودي: الاعتزاز بالجذور الراسخة والعمق التاريخي

بقلم – أ. حذامي محجوب: رئيس تحرير

احتفل الشعب السعودي يوم الخميس 22 فبراير بذكرى يوم التاسيس الذي تم الإعلان عنه لأول مرة في 22 سبتمبر 2020، وهو الذكرى السنوية لتأسيس المملكة العربية السعودية..

الاحتفال بهذه الذكرى لا يهدف فقط لاستعادة امجاد الأسلاف بل للاعتبار بهم ومواصلة مسيرتهم والسير على خطاهم من اجل المزيد من النماء والعزة والشموخ..

الشعب السعودي من الشعوب القليلة في العالم التي تنسجم فيه تطلعاته مع اختيارات قيادته.

لا شك أن الله تعالى قد حبى هذه الارض المباركة الطيبة التي بعث منها خاتم الانبياء محمد بن عبد الله بقيادة حكيمة ورشيدة تستمع إلى تطلعات شعبها وتسعى وتجتهد وتجدد لتنمية واقع مواطنيها وتحسين عيشهم، وتوفير جميع ضرورات الحياة ووسائل الترفيه لضمان حياة كريمة تجعلهم يشعرون بالفخر والاعتزاز لانتمائهم لهذا البلد.

 قيادة واعية بكل التحديات القادمة لترسم خارطة المستقبل، وتحدّد الاستراتيجيات الضرورية لمواجهتها حتى ينعم الشعب السعودي بالنماء والسلام ومستقبل أفضل لأجياله القادمة.

 في مثل هذا اليوم ومنذ تقريبا 300 سنة، أعلن الإمام محمد بن سعود تأسيس الدولة السعودية الأولى وعاصمتها مدينة الدرعية، وذلك يوم الثاني والعشرين من فبراير 1727، فكانت لحظة تاريخية فارقة في تاريخ المملكة العربية السعودية، انه ميلاد دولة سرعان ما اصبحت قوة اقليمية في المنطقة يحسب لها الف حساب في العالم، كما ان سياستها الاقتصادية تحدد استقرار الاقتصاد العالمي من خلال تحكمها إلى حد كبير في أسعار النفط لانها تتصدر إنتاجه ومع ذلك فهي تحرص على أسعار عادلة له حتى لا ينهار الاقتصاد العالمي.

 ان الاحتفال بيوم التاسيس له اكثر من رمزية ويحمل معاني عديدة، لتكريم الآباء المؤسسين الذين ضحوا وواجهوا الصعوبات والمخاطر التي كانت تعصف بالجزيرة العربية، في ظل الموارد الشحيحة، وانقسام القبائل المتفرقة والمتحاربة باستمرار بسبب انعدام الدولة الواحدة والموحدة التي تضمن العيش المشترك والكريم والسلام والامن للجميع.

نشأت الدولة السعودية الأولى وعاصمتها الدرعية للخروج من حالة الاحتراب بفضل رؤية واضحة، واستطاعت أن تخطو خطوات فائقة نحو النماء، فازدهر اقتصادها وعم الأمن في كل أنحاء المملكة، وهو ما انتج نهضة علمية جعلت الكثير من العلماء يهاجرون إليها ويتولون تعليم الناس العبادات والمعاملات على خطى المبدأ الوسطي للإسلام الذي يبعد كل البعد عن التشدد والتطرف، دولة موحدة دستورها القرآن وسنة رسوله الكريم، وهو المبدا الثابت بالنسبة للدولة السعودية.

 وكما يقول ابن خلدون في حديثه عن قانون الدولة، بعد مرحلة التاسيس والتوحيد جاءت مرحلة البناء فقد استقر الاباء المؤسسون في الدرعية، فانصرفوا إلى الابداع الفكري وبرزت كذلك مدارس جديدة في الخط وعلوم اللغة، وشهدت المملكة نهضة علمية تجسدت في تعدد المؤلفات والمخطوطات. وتحولت الدرعية عاصمة الدولة الجديدة إلى مصدر جذب اقتصادي، وأصبحت قبلة لكل من ينشدون الاستقرار ويبحثون عن الأمن والأمان.

 ان الاحتفال بيوم التاسيس والذي بدأ منذ 2020 له اكثر من معنى خاصة لما يرتبط بالحاضر المزدهر والمستقبل المشرق، انه مناسبة لمراجعة المسيرة وتثمين المنجزات، وتجديد الولاء والانتماء لهذه القيادة الحكيمة، وترجمة هذه المشاعر الطيبة إلى أفعال عن طريق العمل..

ومما يضفي المزيد من الفرحة والرضا، ويعطي هذه المناسبة معاني إضافية أنها تأتي في وقت حققت فيه المملكة مكاسب عظيمة في التنمية والازدهار، حيث وصلت إلى مصاف الدول التي يحسب لها الف حساب،. في كل مرحلة من مراحل بناء الدولة السعودية الأولى فالثانية حتى المملكة العربية السعودية ظل خلالها التلاحم عنوانًا بارزًا للعلاقة المجيدة ما بين الشعب والقيادة الرشيدة، وصولًا للعهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الامير محمد بن سلمان، الذي تشهد خلاله البلاد تطورًا ونهضة في شتى المجالات تقودها الرؤية الطموحة: ” رؤية السعودية 2030.