بقلم – أ. حذامي محجوب: رئيس تحرير
مسلسل مصري بُث خلال شهر رمضان، حقق نجاحاً كبيراً في العالم العربي.
مسلسل قدم جماعة “الحشاشين ” بطريقة تشبه بشكل غريب جماعة الإخوان المسلمين.
كما هو الحال في كل شهر رمضان، تعرض قنوات التلفزيون في العالم العربي مسلسلات تختار توقيت بثها عادة أثناء وجبة إفطار الصائم.
في مصر، هذه السنة ومنذ يوم 10 مارس بدأ عرض مسلسل “الحشاشين”.
قبل بدء عرضه، توقعت الجريدة المصرية “أخبار اليوم” أن مسلسل “الحشاشين” ينبئ بنجاح كبير، وان نجاحه سيفوق كل المسلسلات المقرر عرضها في رمضان من هذا العام.
وبعد عرض عشر حلقات، أفادت صحيفة “المصري اليوم”، وهي من اهم الصحف كذلك في البلاد، أنه “من بين أربع وأربعين مسلسلا مصريا عرض هذا العام، كان هذا المسلسل هو الأكثر بحثًا على محرَك غوغل.
“الحشاشون” تعني “أولئك الذين يتعاطون الحشيش”. إنه أيضًا وقبل كل شيء الاسم الذي يُعطى لتنظيم معروف باللغة الفرنسية باسم “جماعة القتلة”، الذي ألهم كذلك سلسلة ألعاب الفيديو الشهيرة “Assassin’s Creed”. وينتمي هذا التنظيم إلى فرع نادر جدًا من طوائف المسلمين، وهو الفرع الشيعي الإسماعيلي النزاري، وقد ازدهر في الفترة الممتدة من القرن الحادي عشر إلى القرن الثالث عشر في الشرق الأوسط، تحت قيادة “شيخ الجبل” الغامض، من قلعة ألاموت في منطقة إيران الحالية.
كانت لدى الحشاشين كذلك سمعة بتعاطي المخدرات قبل القيام باغتيالات سياسية للزعماء المعارضين، خصوصا من جماعة السلطات السنية او من الصليبيين المسيحيين.
العديد من الانتقادات وجّهت لهذا المسلسل واعتبرته بروباغندا سياسية عبر الدعاية التلفزيونية.
يبدو ان هذا التنظيم الذي يعود تاريخه إلى ما يقارب ألف عام، يجد صدى غريبا واسقاطا بشكل ما في واقع الحياة السياسية الحالية.
فعلى سبيل المثال، يعيد المسلسل “إشعال الصراع بين معارضي وموالي للنظام” المصري، هذا ما يقوله موقع “آي 24 نيوز” الإسرائيلي باللغة العربية، ويبالغ بالقول بأن السيناريو قد يكون حتى من تأليف الرئيس عبد الفتاح السيسي”.
في حين يذكر موقع “سكاي نيوز عربية” أن لدى الحشاشين “نقاط تشابه كثيرة مع جماعة الإخوان المسلمين”، ويعتبر أن الجماعتين قد شرّعا للقتل وأقاما الحد على معارضيهما وأوجبوه”. ولم يمضِ “سوى بضع ساعات” بعد الحلقة الأولى حتى أطلقت جماعة الإخوان المسلمين حملة “هجوم عنيف” عبر الإنترنت، وفقًا لصحيفة “العرب” اللندنية.
لكن هل حدثت هذه الهجمات حقًا؟ هذا ما يتساءل عنه الموقع القطري “عربي 21″، الذي اعتبر أن هذه الردود التي نسبت إلى جماعة الإخوان المسلمين هي إشاعة وقع تسريبها ونشرها بفعل فاعل عبر وسائط اعلامية معروفة بعدائها لتنظيم الاخوان.
المسلسل يُنتج بواسطة استديوهات “Synergy Art Production”، وهو عملاق يسيطر على انتاج مسلسلات رمضان.
وفقًا لموقع الشرق الأوسط عبر الإنترنت، الذي تم تقديمه منذ عام 2019 من قبل البي بي سي البريطانية كرمز لـ “السيطرة الحكومية” على الإنتاج التلفزيوني المصري، فان المسلسل يشعل من جديد المواجهة بين المعارضة وأنصار النظام المصري.
كما يعتبر المخرج بيتر ميمي أيضًا “مكلفا ومنخرطا في اجندة الدعاية السياسية التلفزيونية لصالح النظام المصري “، حسب تقدير الكاتب والمفكر المصري اليساري تشادي لويس، الذي يعيش في المنفى في أوروبا.
على موقع الويب اللبناني ” المدن “، يشير إلى أن هذا التعاون – بين شركة سينرجي للإنتاج الفني وبيتر ميمي – قد قام بإنتاج ثلاث مواسم من المسلسل “الاختيار”، الذي يحكي قصة الانقلاب عام 2013 على الرئيس المنتخب محمد مرسي (عضو في جماعة الإخوان المسلمين) بواسطة المشير عبد الفتاح السيسي بحسب تشادي لويس، وليس “الحشاشين” في الحقيقة سوى “الموسم الرابع من الاختيار، بشكل أكثر ذكاء”، لأنه يقدم نفسه تحت غطاء السرد التاريخي لتبليغ رسالة سياسية معاصرة بشكل أفضل.
هذا التداخل بين الماضي والحاضر بدا واضحًا أكثر، حيث يخرج المسلسل عن المعمول به عمومًا باستخدام العربية الفصحى في المسلسلات، “خصوصًا إذا كانت تتعلق بالتاريخ الإسلامي”، كما يشرح تشادي لويس. من خلال اختيار اللهجة المصرية، انه يعيد من خلال هذا المسلسل، بطريقة ما هذه الفئة من الحشاشين إلى الحاضر راهنتا اليوم، وبالتالي يسهل تمييزهم كأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين.
كما ان استعمال اللهجة الشعبية المصرية يجعل المسلسل اكثر مشاهدة والأهم من ذلك، يُحقّر من هذه الجماعة ويقدمها لا كحركة عقائدية لها رموزها بقدر ما هي حالة شاذة وجدت في التاريخ، لا يرتقي مستوى قادتها للشخصيات التاريخية الإسلامية.