السعودية: إذا أردت أن تعرف رقي أمة فانظر إلى نسائها

بقلم: حذامي محجوب – رئيس التحرير

وراء كل رجل عظيم امرأة لولاها لم يكن عظيماً.

يحق للمرأة السعودية اليوم 8 اذار 2023 وكلّ نساء المملكة يفخرن بمكاسب وانجازات تحقّقت لهن، وخطوات عملاقة يقطعنها بكل ثبات باتجاه المشاركة الفاعلة في النهضة بالمجتمع السعودي.

أصبحت المرأة السعودية تشدّ اهتمام العالم وتخطف الأنظار وجعلت الجميع يقف صامتا بإعجاب كبير بمنجزها وريادتها وتميّزها محليا وإقليميا ودوليا.

 لم يكن هذا التقدم مفاجئا رغم تسارعه بل هو نتيجة أمرين:

 – نضال مستمر ووعي عميق موجود بقوة على المستوى المجتمعي.

 – والاهم إرادة سياسية في مجتمع محافظ يؤسّس لأعظم ثورة تنويرية في الجزيرة العربية.

 صحيح ان المرأة السعودية عانت منذ عقود عديدة من أوضاع اقل ما يقال فيها انها غير منصفة خاصة بما هو موصول بحقوقها المدنية والقانونية، لكن الدولة السعودية قد راهنت كثيرا على تعليم البنات وخصصت مدارس وجامعات عصرية لتعليمهن، ولم تكن تمنع التحاق الطالبات السعوديات بالجامعات الأجنبية طبعا مع احترام بعض الإجراءات القانونية السائدة مما أنتج جيلا متعلما ومثقفا من النساء.

 حققت الكثير من الشخصيات النسائية السعودية التفوق والتميز والريادة في الكثير من المجالات محليا وعالميا، كان لهن دور متقدم في دفع عجلة التنمية وفقا لتخصصاتهن ومهامهن العلمية والعملية، بما أصبح معه من الضروري ان يتبع هذا النجاح تطويرا تشريعيا ومجتمعيا.

في 6 نوفمبر من سنة 1990 بادرت 47 امرأة سعودية في تحدي واضح لقانون منع النساء بقيادة سياراتهن في شوارع مدينة الرياض، وتم القاء القبض عليهن واخذ تعهد من عائلاتهن بعدم تكرار الفعل.

 انها حادثة كشفت للعالم عن توجه النساء في المملكة للحصول على هذا الحق رغم معارضة بعض القوى المحافظة لهذا المطلب بشدة وصدور فتوى دينية من قبل هيئة كبار العلماء تحرم قيادة المرأة للسيارة، وهي الفتوى التي صدرت بتاريخ 9 نوفمبر 1990، ومع ذلك ورغم الايقافات عن العمل والتحجير على السفر تواصلت الاحتجاجات لمدة 17 سنة من قبل ناشطات حقوق المرأة بعد صدور مرسوم منعهن من القيادة.

 واصلت المرأة السعودية النضال بصفة سلمية لتحسيس القيادة بأهمية هذا الحق، ونظمت السعوديات حملات كثيرة من بينها حملة ” من حقي ان اقود ” وحملة ” لها حق القيادة” وحملة ” ساقود سيارتي بنفسي” التي قادتها منال الشريف، الكاتبة والناشطة السعودية، وأول سعودية تعمل في مجال أمن المعلومات والتي صنفتها مجلة “هي” hiamag من بين أشهر الشخصيات النسائية الرائدات في السعودية وفي العالم. تحدت النساء السعوديات المرسوم علنا عدة مرات خاصة في اليوم العالمي للمرأة سنة 2008 و2011 وساعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي على خلق فضاء لتنظيم هذه الحملات والدعوة الى القيادة والخروج سلميا للمطالبة بهذا الحق، وفي 2013 بدأت الناشطات السعوديات جولة أخرى من الاحتجاجات وواصلن قيادة السيارات في مختلف انحاء المملكة رغم التحذيرات من إمكانية اعتقالهن وأمضت لجين الهذلول وميساء العمودي أكثر من 70 يوما في السجن لمحاولتهما التوجه الى السعودية من الامارات على متن سيارة في 30 نوفمبر 2014.

 جعلت المرأة السعودية مسالة قيادة السيارة مطلبا ضروريا لأنها اعتبرت ان منع ذلك هو رمز للتمييز الذي تواجهه حيث العقبة الأكثر خطورة امام الحصول على حقوقها، وهي نظام ولاية الرجل والذي بموجبه تحتاج المرأة دوما الى ترخيص من ولي امرها للحصول على جواز سفر او التنقل الى خارج المملكة حتى للدراسة او العمل.

 استمر هذا الحراك الاجتماعي النسوي السعودي. حتى صدر “القرار التاريخي ” في 26 سبتمبر 2017 والذي نص على ان يتم رفع الحظر عن قيادة المرأة في 24 يونيو 2018.

 ان تمكين المرأة ليس وليد النضالات النسوية فقط بقدر ما هو أساسا سياسة دولة لان هذه الاحتجاجات النسوية لم تتحصل على مطلبها الا بعد تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، من قبل الملك سلمان بن عبد العزيز في 21 يونيو 2017.

 فمنذ تولي سموّه السلطة والمرأة السعودية تحقق المكاسب والانتصارات، اعتلى الأمير محمد بن سلمان هذا المنصب الجديد حاملا لرؤية 2030 للمملكة.، رؤيا يرى انها بوابتها للمستقبل التي ستنتقل من خلالها السعودية الى آفاق اكثر رحابة على كل المستويات،انّ سموّه يؤمن ضمن هذه الرؤيا على انه لا تعايش ولا سلام ولا تنمية دون تمكين المرأة، اكد ذلك في تصريحات متعددة ليبرز عظمة مساندته للمرأة السعودية قولا وفعلا وانجازات، لهذا الغرض تحديدا وقعت مراجعة بعض التشريعات التي تجاوزها الزمن في حدود ما يسمح به الدين الإسلامي وما ينص عليه من قيم العدل والمساواة،فمن بين الانتصارات التي حصلت عليها المرأة السعودية على سبيل الذكر لا الحصر قرار وزارة العدل القاضي بإلغاء “بيت الطاعة ” وتمكين المرأة من حرية السفر والتنقل، كما اصبح للمرأة السعودية الحق في التوظيف في المناصب العليا، وفي عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد اصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في فبراير 2019 مرسوما يقضي بتعيين الاميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز سفيرة للمملكة في الولايات المتحدة برتبة وزير لتكون اول سفيرة في تاريخ المملكة، وهي تشغل هذا المنصب الى اليوم، ويصل عدد السفيرات السعوديات اليوم خمس وهن: نسرين بنت حمد الشبل سفيرة لدى فنلندا،هيفاء بنت عبد الرحمان الجديع، السفيرة ورئيسة بعثة المملكة الى الاتحاد الأوربي والى الجمعية الأوروبية للطاقة الذرية، ايناس بنت احمد الشهوان سفيرة المملكة في السويد، آمال بنت يحيى المعلمي سفيرة المملكة في النرويج.

 انّ المرأة السعودية اليوم تتموقع بجدارة في مراكز القرار،لم تكن قيادة السيارة سوى مؤشرا على قيادة المؤسسات والشركات وإدارة الاعمال في مجال المال والاستثمار والاقتصاد والخدمات والتعليم وتمكينها من التمثيل البرلماني عبر مجلس الشورى وكل المناصب العليا في الدولة.

 أصبحت المملكة اليوم في مقدمة الدول العربية المهتمة بإصلاح الأنظمة الاجتماعية وتعزيز السياسات الممكنة للمرأة بفضل قائد شاب صرح بكل فخر ” ان ما يحدث في المملكة من تطور في ما يخص المراة هو” من اجلنا نحن السعوديين ” وان ” المملكة العربية السعودية في تغييراتها الاجتماعية لا تسترضي أحدا “، وانما تأتي من ” واقع حاجة اجتماعية”.

 هنيئا للمرأة السعودية بعيدها وبقائدها في هذا اليوم.

 قيل سابقا بالنار يختبر الذهب، وبالذهب تختبر المرأة، وبالمرأة يختبر الرجال العظماء الذين يصنعون عظمة ومجدا لاوطانهم.