تونس – عرب 21: حذامي محجوب
تضرب المملكة العربية السعودية في كل عام موعدًا تاريخيًا مع ضيوف الرحمن، ميسّرة عليهم أداء مناسك الحج بكل يسر واطمئنان.
في كل موسم حج، يلاحظ الحجاج تحسينات مستمرة ومرافق جديدة تهدف إلى تحويل فريضة الحج إلى حدث استثنائي او ذكرى لا تُمحى في النفوس مدى الحياة.
تسعى المملكة العربية السعودية جاهدة لتحقيق هذا الهدف النبيل من خلال إنفاق مئات المليارات من الريالات لتوسعة الحرمين الشريفين، بالإضافة إلى إنشاء جسر الجمرات وقطار الحرمين، وشق الطرق وتزويدها بالمرافق الأساسية.
لكن التطوير لم يعد يقتصر فقط على البنية التحتية والمنشآت، بل تجاوز ذلك إلى استخدام التقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي.
اذ أطلقت المملكة العديد من المنصات الرقمية مثل “منصة الحج الذكي” وبرنامج “تفويج” وبرنامج “الرقابة على الخدمات”. كما وفرت ساعات ذكية للحجاج لطلب المساعدة الطبية والأمنية والتوجيه. واستخدمت بطاقة “شعائر” الذكية، المرتبطة بتطبيق إلكتروني متطور يسهل أداء المناسك، حيث تتضمن جميع المعلومات الشخصية وتتيح استعراض الحالة الصحية ومعرفة العلامات الحيوية.
إضافة إلى ذلك، تُستخدم الروبوتات لتعقيم كل الأماكن وكذلك الحرمين الشريفين وتوزيع ماء زمزم، وتوجيه الحجاج.
كما تُترجم خطبة عرفة إلى العديد من اللغات العالمية واللهجات المحلية، مما يتيح للقنوات الفضائية في مختلف الدول بثها على الهواء مباشرة.
وتقدم وزارة الداخلية السعودية خدمات متميزة لضيوف الرحمن بلغاتهم ولهجاتهم الخاصة المختلفة. عبر التطبيقات ووسائل الاتصال الحديثة، مستعينة بمنصات تقنية أمنية وبوابات إلكترونية لتعداد وإدارة الملايين من البشر، بالإضافة إلى برامج تحليل الفيديوهات والصور وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
مبادرة “طريق مكة”، التي تم إطلاقها منذ سبع سنوات، تُعد خير دليل على هذه الجهود.
تهدف المبادرة إلى مساعدة الحجاج وتسهيل أداء المناسك، حيث تُشرف عليها وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارات الخارجية والصحة والحج والعمرة، بالإضافة إلى الهيئة العامة للطيران المدني، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، وشركة علم.
تقوم المبادرة على استقبال الحجاج وإنهاء إجراءاتهم انطلاقا من بلدانهم، بدءًا من إصدار التأشيرة إلكترونيًا وأخذ الخصائص الحيوية، وإنهاء إجراءات الجوازات في مطار بلد المغادرة بعد التحقق من الشروط الصحية، وفرز الأمتعة وفق ترتيبات النقل والسكن في المملكة.
بمجرد وصول الحجاج إلى المطارات السعودية، يتم نقلهم على الفور إلى أماكن إقامتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة بمسارات مخصصة، بينما تتولى الجهات الخدمية إيصال أمتعتهم إلى مساكنهم، مما يخفف عنهم عناء الزحام وإضاعة الوقت في الإجراءات الروتينية.
من بين القرارات المميزة أيضًا، مبادرة “المشاعر الخضراء” التي تهدف لمعالجة مئات الأطنان من النفايات العضوية والصلبة، وإعادة تدوير عشرات الآلاف من قطع الإحرام المستعملة، وكذلك الاستفادة من آلاف العلب البلاستيكية والمعدنية.
كل هذه الجهود المكثفة والمبادرات المتواصلة تستند إلى العلم والمعرفة، وتنسجم مع التوجهات العالمية للمحافظة على البيئة.
هذا التوجه نحو استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته لا يحجب عنا التعامل الراقي لكافة العاملين في موسم الحج، الذين يتسابقون لتقديم العون والمساعدة والرعاية لضيوف الرحمن، لا سيما المرضى والمسنين والتائهين.
لا يمكن أن ننسى كذلك في هذا المقام استعداد الشعب السعودي لخدمة ضيوف الرحمن، وإيمانه العميق بان “خدمة الحاج شرف له “، سيرا على خطى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي ترك كل القاب الفخامة والجلالة واختار أن يكون في خدمتهما، وعلى نهج ولي عهد امين سمو الامير محمد بن سلمان شغوف بالتقدم العلمي، متأصل في بيئته ومعتز بدينه.
ما أعظمه من لقب وما أشرفها من خدمة.