السعودية في يومها الوطني: مزيد التقدم ومكانة عالمية رائدة

بقلم – ا. حذامي محجوب

تحيي المملكة العربية السعودية عيدها الوطني يوم 23 سبتمبر احتفالًا بتوحيد المملكة العربية السعودية الحديثة في عام 1932 بعنوان: ” هي لنا دار”، وهو شعار يلامس وجدان السعوديين الذين اعتادوا وصف وطنهم بالدار في كثير من القصائد والاغاني الشعبية.

كما تجسّد هذه الكلمات الشعور بالفخر والاعتزاز بانجازات المملكة واحتضانها لكل فعاليات وآليات التطور من اجل تيسير حياة المواطنين وتسخير كل امكانياتها للأجيال القادمة.

ضمن هذه الرؤية الاستشرافية التي تجسدها المملكة انعقدت أيام 13-15 سبتمبر 2022 القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالمملكة العربية السعودية، تحت رعاية سموّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مما اضفى على هذه القمة، اهمية كبيرة وجعلها محط انظار الراي العام الداخلي والخارجي واصحاب القرار في كلّ العالم، وقد برز ذلك بوضوح في اهتمام وسائل الاعلام التي تابعت فعاليات هذه القمة لحظة بلحظة.

انّ خطوات المملكة، في تفعيل عالم الذكاء الاصطناعي، تجسدت في التحول الرقمي، الذي أحدثته كجزء من خطة التحول الوطني 2020، في الفترة التي سبقت رئاسة المملكة لمجموعة العشرين، بجانب طرح إصدار خدمات الـ5G، وإنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي.

 كما حققت قبل ذلك انجازا مهما بعد تقدمها تقنياً للمركز 33 من بين 139 دولة يصنفها المنتدى الاقتصادي العالمي بين عدة دول باسم (أعلى المتقدمين) في ميدان تقنية المعلومات والاتصالات، مشيرا إلى أن المملكة تشق طريقها لتكون جزءاً من المراتب المتقدمة من بين 7 دول في مجال تقنية المعلومات والاتصالات التي يطلق عليها الآن مجازاً ” الثورة الصناعية الرابعة “.

 بشهادة كل الملاحظين والمتابعين لهذه القمة كان هناك مستوى عالي في الاعداد والتنظيم لها، لم يُترك شيئا للصدفة. وهي الخاصية التي أصبحت ملازمة للكثير من التظاهرات والفعاليات والندوات والاحداث التي تعيشها المملكة العربية السعودية اليوم.

 كما تجدر الإشارة الى ان هذا التنظيم المتميز حصل بكفاءات سعودية شابة، اصبح يُشهد لها بالخبرة والتميز في مختلف مراحل الاعداد والتنظيم، كفاءات غدت تنافس كفاءات الشركات العالمية الكبرى صاحبة التجارب المتعددة والمنظمة لفعاليات لا تحصى ولا تعد في العالم.

 انّ انعقاد هذه القمة تحت شعار ” الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية ” دليل على ما اصبحت توليه المملكة العربية السعودية من أهمية لمجال الذكاء الاصطناعي باعتباره يندرج ضمن مشروع مملكة المستقبل الرائد في التوجه نحو التحول الرقمي الشامل الذي اقرته رؤية 2030.

حضر وشارك في هذه القمة أكثر من 10 الاف شخص و200 متحدث من 90 دولة وهم من أبرز صانعي القرار وكبار المستثمرين وقادة الفكر والمبتكرين في مجال الذكاء الاصطناعي.

كان الحوار ثريا، ارتكز حول كيفية تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لحل المشاكل المعقدة وتمكين الشركات سعيا الى تحويل المجتمع وتيسير حياة المواطنين، كما دعي المشاركون الى المساهمة في وضع رؤى الذكاء الاصطناعي التي تمتد آثارها الى ما بعد القمة.

لم يقتصر دور المملكة العربية السعودية على استشراف المستقبل ووضع الاستراتيجيات لتطوير هذه التقنيات مع صانعي السياسات في مجال الذكاء الاصطناعي، بل نجد سبقا وتجسيدا فعليا لهذا المشروع داخل معظم الوزارات والإدارات والمؤسسات الحكومية، كما يجري العمل في المملكة على انشاء مدن ذكية مثلما نراه في مدينة نيوم اليوم. ويمكن ان نسوق على سبيل الذكر لا الحصر الثورة الرقمية التي عرفتها وزارة العدل بالمملكة العربية السعودية. اذ سعت الوزارة والمجلس الأعلى للقضاء الى تبني الرقمنة الكاملة من اجل تحقيق العدالة ومزيد ضمان حقوق المتقاضين، وقد أدى هذا التطبيق الى تحسين فعلي لأداء المرفق القضائي الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان أهمية وعناية كبيرة لأنه يمس حياة الناس بصفة مباشرة، باعتباره الضامن لمصالحهم وحقوقهم وحرياتهم.

 ان استخدام تقنيات ووسائل الذكاء الاصطناعي ضمن المرفق القضائي، لا يقتصر فقط على معاضدة الجهد البشري كما هو الشأن في التطبيقات الإعلامية المتداولة، بل ان هذه التقنيات قد مكنت المملكة من انشاء المحكمة الافتراضية للتنفيذ التي وقع تدشينها قبل القمة في 27 اذار 2022 على يد وزير العدل الدكتور وليد بن محمد الصمعاني والتي جاءت لتختصر إجراءات التنفيذ من 12 خطوة الى خطوتين فقط وذلك دون تدخل بشري، أي ان التقاضي يتم بصفة الكترونية بفضل استعمال وسائل التقنية والاتصال الحديثة للفصل بين الدعاوي، منذ مرحلة رفع الدعوى، مرورا بالترافع الى مرحلة صدور الحكم وتنفيذه عبر منصة نافذ. يسهم هذا التنفيذ في الاستغناء عن 7 زيارات للطلب الواحد بعد اتاحة الخدمات الكترونيا عبر بوابة ناجز.

 تتميز المحكمة الافتراضية بسرعة إيصال الحقوق لأصحابها وهي بذلك تخدم المتقاضين وتقضي على التباطؤ والتأخير والازدحام في المحاكم.

 انها نقلة نوعية في اتجاه التحول الرقمي الذي تسعى اليه المملكة العربية السعودية في جميع وزاراتها ومؤسساتها انسجاما مع مقتضيات الحكومة الرقمية من ناحية ولتيسير حياة المواطن من ناحية أخرى، انها منظومة تعمل على مدار الساعة بكفاءة وجودة عالية لتحقيق العدالة الناجزة بالمملكة.

تسخير الذكاء الاصطناعي من اجل اسعاد البشر وتيسير حياتهم هو المنهج الذي تسير عليه المملكة بخطى ثابتة وبوتيرة سريعة بفضل قيادتها الرشيدة وهو الذي سيوصلها الى تصدر مكانة عالمية على مستوى المعرفة وكذلك على مستوى الاهتمام بالإنسان.

فكل عام وأبناء الشعب السعودي الشقيق يتحلون بحب البحث عن مزيد التطور والازدهار، بما يضمن تقدّما ورقيا دائمين لمملكة ما فتئت تسابق الزمن في نهضتها.