الفشل هو الشيء الوحيد الذي لا يمكنك أن تدافع عنه ؟

بقلم : حذامي محجوب – رئيس التحرير

يفقد الإنسان روحه عندما يتوقف عن مساندة الحقّ والعدل والصواب.

 شهد الدور الثاني من الانتخابات التشريعية يوم 29 يناير 2023 نفس المصير الذي لاقاه الدور الأول يوم 17 ديسمبر 2022، إذ لم يشارك في هذه الانتخابات إلا واحد من عشرة تونسيين.

 إن نسبة 11,3% تبين بكل وضوح أن مسار 25 يوليو 2021 بلغ أقصاه.

 فشل هذا المسار بعد ان علقت عليه فئات كثيرة آمالا كبيرة لكن سرعان ما تحول عن وجهته.

ان العزوف غير المسبوق للناخبين عن الإدلاء بأصواتهم في الدورتين الأولى والثانية رغم استماتة الهيئة الانتخابية في حثّ الناخبين وترغيبهم، اعلنت انها وجهت 120 مليون ارسالية للمسجلين في القائمات تدعوهم إلى التوجه لمراكز الاقتراع، لكن دون جدوى.

 نحن اليوم ازاء مشهد سياسي هجين، حتى وان حظي الرئيس قيس سعيد بثقة التونسيين في محطات انتخابية سابقة فقد تآكلت هذه الثقة بل اكثر من ذلك سجل التونسيون سقوط اشد انصاره استماتة في الدفاع عنه ك ” المفسّر ” احمد شفتر وسرحان الناصري وعاطف بلحسين والتوهامي العبدولي، لفظهم التونسيون وهذا يدل على انهم لايثقون في النهج السياسي الذي انتهجه الرئيس قيس سعيد بعد ان استفرد بالحكم وجمع كافة السلط بين يديه، لا يثقون كذلك في مساره الاحادي الذي خون فيه النخب وكفاءات البلاد محاولا اعادة صياغة منظومة حكم جديدة لتنزيل مشروع سياسي يعادي الاجسام الوسيطة كالاحزاب والمنظمات ويقصيها من الشأن العام لصالح انصاره الذين يؤمنون مثله بمشروع البناء القاعدي.

ان نتائج الانتخابات بينت بكل وضوح بالرغم من كل الطرق التي اقدمت عليها هيئة الانتخابات بان التونسيين غير معنيين بهذا المشروع الاحادي الفردي وبان كل الخطب التي اطلقها الرئيس وكل المنابر التي اثّثها انصار الرئيس لم تُجدِ نفعا.

ماذا بقي بعد كلّ هذا، اليوم ؟.

ايا كان تبرير السلطة السياسية، فان القادم لا يدفع على التفاؤل، وان برلمان الاقلية الذي افرزته انتخابات النظام الحالي لن يحل الازمة السياسية التي تزداد حدة بتضاعف الازمة المالية والاقتصادية التي تعيشها البلاد.

 تبين ان مسار 25 يوليو هو مسار جعل البلاد في عزلة، وقع فيه اهدار الامكانات والزمن والطاقة.

 لذلك يبدو لي ان اسلم واوكد حل للبلاد والعباد هو وضع حد فوري لهذا المسار من قبل الرئيس، عليه ان يضع حدا لسياسة الانكار وعدم الاكتراث ويستوعب الواقع الذي افرزه مسار 25 يوليو بعيدا عن مقولات المؤامرة الخارجية والمعارضة الداخلية، بعيدا عن الغرف المظلمة ولوبيات الفساد المالي والاقتصادي..

دون هذا الاقرار من قبل الرئيس وادراكه بانه يغالط الشعب، فانّ تونس ستتجه إلى المجهول نحو مزيد من استفحال الازمة السياسية.

فهل سيستمرّ الرئيس في فرض سياسة الامر الواقع، وفرض مشروعه على شعب لفظه ولم يعد يصدق وعوده.

و هل سيواصل انكار الازمة ؟ وما لها من تبعات قد تؤدي بالبلاد إلى ما لا تحمد عقباه !.

انّ الفشل هو الشيء الوحيد الذي لا يمكنك أن تدافع عنه.