بقلم – أ. حذامي محجوب: رئيس تحرير
في سياق سعي المملكة العربية السعودية، لتوفير كل الضمانات للمنظومة القضائية لتقوم بدورها كاملا كسلطة بعيدا عن كل اشكال الضغوطات، وحفظا لأمن وسلامة كل المواطنين باختلاف مستوياتهم الاجتماعية ومكاناتهم ومناصبهم، أقر مجلس الوزراء السعودي نظام حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا، بما يمثّل تطورا مهما ونقلة حاسمة ضمن مسار تكريس عدالة ناجزة في المملكة العربية السعودية وانتصارا لحقوق المواطنين، لانه يمكن كل فرد مواطن او مقيم بالمملكة ودون تمييز من تقديم الافادات والبلاغات والإدلاء بالشهادة من دون خوف او رضوخ لأي تهديدات، مع توفير له الحماية القانونية الضرورية من انتقام الجهة المبلَّغ عنها بسبب مساعدته الأجهزة، بحيث يضمن ويوفر هذا القانون كل من يساعد العدالة في الحق ورد المظالم.
اذ ان النظام يتعامل بسرية مطلقة مع كل البيانات الشخصية، لا يكشف ولا يسمح لايّ كان بالكشف عنها، كما يسلّط على من يفعل ذلك ويقوم بتسريبها اشدّ العقوبات.
لقد أجبر القانون السعودي الجديد كل جهات الرقابة والضبط والتحقيق في الجرائم المشمولة بأحكامه بإخفاء هوية والبيانات الشخصية لمقدم البلاغ وللشاهد وحتى للخبير، أو الضحية، في جميع مراحل القضية والتتبعات من المحاضر إلى المراسلات إلى الشهادات حتى الاختبارات، بحيث يتم الاطلاع عليهم دون التعرف على مصدرها.
من اجل بلوغ هذا الهدف يستخدم النظام وسائل التقنية العصرية مثل التواصل المرئي والمسموع لتلقي الشهادة عن بُعد، وتمكين المحاكم من استعمال تقنية تغيير الصوت والصورة لحماية المبلغين.
كما أجاز في بعض الحالات سماع شهادة الشهود والنقاش مع الخبراء بعيدا عن المتهم ولسان دفاعه، ويقتصر بعد ذلك بإبلاغهم بمحتوى الشهادة او تقرير الخبرة مع الإبقاء على سرية هوية من أدلى بها.
كل هذه الاجراءات غايتها ترسيخ مفاهيم العدالة والشفافية والمحاسبة.
ان هذا النظام الجديد قد حرص على ارساء قواعد إجراءات البلاغات المقدّمة بطرق تضمن النزاهة وتؤدي للقضاء الكامل على الفساد.
تحفز هذه الاجراءات كذلك المبلغين على المبادرة والحركة من اجل معاضدة جهود الدولة والحكومة للقضاء على الفساد نهائيا، كذلك فإن هذا النظام الجديد لا يوفر الحماية فقط لأصحاب البلاغات والشهود والخبراء والضحايا، بل يشمل عائلاتهم وجميع أقاربهم.
تجدر الإشارة إلى ان المشرع السعودي قد استبق ما يمكن ان ينتج عن اقرار مثل هذا النظام من بيانات كيدية، بان جعل النظام القضائي قائما على مبدا كوني ” كل متهم بريء حتى تثبت إدانته “، يعني لا ياخذ النظام القضائي في المملكة الناس بالشبهات ولا ينتج عن اي بلاغ اية آثار قضائية أو قانونية ما لم يقع التثبت من صحتها ومثول المتهمين امام المحكمة مع ضمان حقهم الشرعي في الدفاع عن أنفسهم..
كما تتولى الهيئة الوطنية السعودية لمكافحة الفساد التي ترد إليها البلاغات متابعة ايّ بيانات والتاكد من صحتها بتأنّ، تضم هذه الهيئة كفاءات قانونية مشهود لها بالكفاءة والخبرة والثقة والامانة، من اجل ان تتحرى عن البلاغات بكلَ شفافية وباحترافية كبيرة، وتقوم باستكمال الأدلة ان تراءى لها ذلك..
ان النظام الذي أقرته المملكة يضاهي نماذج لأنظمة متقدمة مشابهة في العالم، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والسويد وسويسرا وكندا وهونج كونج، انه نظام يعبر فعلا عن النهضة التشريعية التي تشهدها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
ان زمن استغلال النفوذ قد ولى وانقضى، وأن المملكة العربية السعودية قد اختارت الشفافية والنزاهة والمحاسبة، وألاّ أحد فوق القانون، ولا حصانة لمرتش او لفاسد، وأنه من واجب كل مواطن بالاّ يسكت عن الفساد، وان يبلغ عنه مساهمة منه في الحفاظ على مصالح بلاده.