القيادة من كوكب آخر !.

بقلم – حذامي محجوب

رئيس التحرير

 قد تعرف كيف تحكم، لكن الأهم: ما الذي تخطط له بحكمك ؟ إذا لم تستطع أن تنجز لشعبك مكاسب عظيمة، افعل أشياء صغيرة، بطرق عظيمة.

 إلى متى ستبقى تونس تحت سيطرة الهواة من الحكام ؟ وأي مصير للبلاد في ظل هذه المخاطر؟.

ما قد يغيب عن رئيس الجمهورية أن تونس في مواجهة مصير دولة واعتبارات سيادية، وان بقاء الحال على ما هو عليه من المحال، لا يقلل فقط من مكانة الدولة التونسية وسمعتها بين الأمم، إنما يهدد أمنها القومي واستقرارها ومصالحها، كما انّ إصراره على المضي قدما في تنفيذ مشروعه في ظل هذا الاحتقان الاجتماعي والأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة، إلا دليلا واضحا على عدم الإدراك والدراية بآليات السياسة والاقتصاد والتعهدات والارتباطات الدولية.

 تتتالى الأيام والاشهر، ولا يوجد حل في الافق للازمة السياسية في تونس بسبب رفض رئاسة الجمهورية لأي صوت مخالف للاتجاه الذي عدل عليه قيس سعيد عقارب ساعته.

ثمانية اشهر مضت على حدث 25 جويلية، اضاعها قيس سعيد على تونس لتلكؤه وتباطؤه في حل المشاكل التي تتخبط فيها البلاد منذ سنة 2011 وتبين منذ 22 سبتمبر بان هدفه هو تجميع كلّ السلطات للتفرد بالقرار والانفراد بالحكم.

مواقف التصعيد التي ميزت تصرف الرئاسة مع الاحزاب القريبة والبعيدة منه، والمنظمات والهيئات والشخصيات الاعتبارية والكفاءات، اغلقت ابواب الحل، إلى درجة انه بدأ يتأكد بأن حل الازمة بالنسبة للرئيس يكمن في دوامها، خاصة بعد ان وضع نفسه في حلقة مغلقة ووضع البلاد في عزلة بعصفه بالدستور ورفضه المضي إلى انتخابات تشريعية سابقة لاوانها.

 الزم قيس سعيد البلاد بروزنانمة ونصب نفسه الحاكم الاوحد،متعللا بان الشعب قد فوضه، في حين انه قد انتخب على اساس دستور 2014,والمنطق يقول ان رفضه للدستور يحتم عليه المضي إلى انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لاوانها فضلا على ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي اصبحت عليه البلاد لا يتحمل مزيد التباطؤ ويتطلب اجراءات اهم من مصالحه المباشرة ومشروعه الهلامي.

 ارهق الشعب بتعنته ومعاركه الوهمية، فهو بعيد كل البعد عن التفكير السياسي السليم.

فبعد ان تظاهر باجراء حوار وطني نتيجة الضغوطات الداخلية والخارجية بدأ يستخف بالمنظمات التونسية العريقة التي يرجع لها الفضل بان رعت حوارا وطنيا سنة 2013 اخرج تونس من ازمة سياسية عميقة على اثر الاغتيالات السياسية، قادت الحوار منظمات شكلت رباعيا مكن تونس من الفوز بجائزة نوبل للسلام في انجاز كبير سبق للرئيس ان استخف به هو الاخر.

هذه المنظمات يريد ان يجعلها صورة يبعث بها إلى الخارج ليوهم العالم بشعبيته وبانها تبارك مشروعه الهلامي الذي يمضي قدما في تنفيذه، فبعد ان اشترط على هذه المنظمات ان يكون منطلق الحوار هو من مخرجات الاستشارة الالكترونية، حوار احادي متعنت يقفز على الواقع ويتنكر لتاريخ تونس لتخطو البلاد به نحو المجهول.

ان دعوة قيس سعيد الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، كذلك عمادة المحامين ورابطة حقوق الانسان يجيز التساؤل عن سبب تجاهله الدعوة إلى الحوار قبل قراره بحل البرلمان.تم التراجع والدعوة اليه الان.فما الفرق بين الامس واليوم لو اعتبرنا ان قيس سعيد يرغب فعلا في اجراء مثل هذا الحوار الذي تحتاج اليه البلاد ؟

الفرق بيّن، حوار الامس كان ممكنا لو تم التشاور وتجنب التعنت.لكن الدعوة إلى الحوار اليوم هي ذر الرماد على العيون، انها دعوة بلا رصيد ولا مصداقية.

هل يؤمن بالحوار من يبني خياراته على احلامه، هل يؤمن بالحوار من لا يكترث للزمن ؟ تونس تواصل مع قيس سعيد ” مضيعة الوقت ” برئيس كل معاركه مع طواحين الهواء.

ماذا يعني ان يقدم رئيس الجمهورية شرطا لن يتراجع عنه ؟ هل هذا حوار ؟.

الحوار لا يكون الا مع الفرقاء مع المختلف.

بهدف التقريب والوصول إلى شكل من اشكال الاجماع التوافقي كما عرفه هابرماس.

ان تصريحات الرئيس متذبذبة، تخلو من العقلانية، تبدو حينا صادرة عن الواثق بنفسه وكأنه الماسك بمصير البلاد، الا ان هذه الثقة المفرطة غير مضمونة لانه لا يبدو واعيا بالمخاطر التي تهدد البلاد، اذ يكفي ان تنفجر الاوضاع الاجتماعية، كي يجد رئيس الدولة قيس سعيد نفسه بين ” السماء والارض ” اي في الهواء او ان تقذف به امواج البحر الغارق فيه خارجه.

انّ قهر الاستبداد ليس بالأمر السهل ولكن ما يعَزينا أنه كلما اشتد الصراع قسوة …كلما ازداد النصر مجداً.

One thought on “القيادة من كوكب آخر !.

Comments are closed.