اللون والجنس والعرق هبات من الله، لا يجوز للبشر التدخل فيها!.

بقلم : حذامي محجوب – رئيس التحرير

لا يمكن للقانون أبدًا أن يجبر رجلا على أن يحبني، لكن من المهم أن يمنعه من أن يسحلني ويحقد علي ويكرهني لبشرتي او جنسي أو لوني.

 إنهم لا ينتبهون حين يجرحوننا وتنفذ طاقتنا أمامهم، لكنهم ينتبهون فقط حين نغضب ونرد الفعل.

ايّ رجل دولة، ينبغي أن يفكر ألف مرّة في كلّ كلمة ينطق بها وموقف يصدره، كما لا يسمح وغير مقبول ان يحتمل كلامه التاويل، فالكلمة عندما تخرج هي كالرصاصة التي تنطلق من البندقية لا احد يستطيع ان يوقفها.

لذلك على رجل الدولة ان يطرح القضايا بالنظر الى الواقع وان يضع في الحسبان وضع بلاده الجيو – ستراتيجي ومصالحها السياسية والاقتصادية، وان لا يزج بها في صراعات لا طائل من ورائها يمكن ان تهدد السلم الاجتماعي وقد تحدث ردود افعال اقليمية ودولية.

عندما يطرح رجل الدولة ملف هجرة افارقة جنوب الصحراء وما تحدثه من توترات في المجتمع عليه ان يعالج المشكل بحكمة وتروّ كما هو مطالب بان لا يحدث أزمة ديبلوماسية مع دول مصدر الهجرة، فضلا على ان مسائل اللون والعرق والجنس حساسة وعلى غاية من الخطورة تحيل مباشرة الى قضايا العنصرية ولا يليق برجل الدولة ان يتحدث عنها تلميحا او تصريحا بما يفتح باب التاويل وردود الفعل.

لا ينبغي ان ننسى ما احدثه مقتل ذلك الامريكي جورج فلويد من احتجاجات عنيفة، لقد اشعلت حادثة موته في 25 ماي 2020 الولايات المتحدة وانتفضت قارة باكملها تحت شعار ” دعني اتنفس” !.

لذلك يتوجب على رجل الدولة ان يكون مهدئا مجمعا لا مفرقا.

 قد يغيب عن صاحب الامر ان الجامعات التونسية تضمّ 6000 طالب قادم من بلدان جنوب الصحراء، هؤلاء يجلبون العملة الصعبة للبلاد التونسية، كل واحد منهم يدفع على الاقل 25 الف دينار في السنة.

لتبلغ عائدات التعليم العالي وحده ما يعادل 150 مليون دينار تونسي.

 كان المنتدى التونسي الافريقي سعى الى تذليل الصعوبات امام الطلبة من جنوب الصحراء لمضاعفة عددهم في المؤسسات الجامعية الخاصة والعامة وكذلك بالتفاوض مع وزارة التعليم العالي من أجل خلق شعب ومسارات تعليمية تناسب حاجات بلدانهم لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الطلبة.

 المصحات التونسية ومراكز العلاج هي كذلك قطب جاذب للمرضى من جنوب الصحراء الافريقية.

 سبق ان كانت الشركة التونسية للكهرباء والغاز هي التي زودت رواندا والعديد من البلدان الافريقية بالكهرباء، وحصدت مداخيل كبيرة.

 العديد من الشركات التونسية للدراسات وتنفيذ مشاريع البنى التحتية مثل الجسور والطرقات لها مقرات في غرب افريقيا منذ تسعينات القرن الماضي، قامت بانجاز آلاف الكيلومترات من الطرقات وكسبت مئات الملايين من الدنانير من الارباح.

 منظومة الرقمنة في الغابون والتوغو والنيجر والعديد من البلدان الاخرى تحققت بكفاءات تونسية شابة.

 تونس تصدر الادوية التونسية انتاجا الى العديد من بلدان افريقيا الغربية.

كل هذه المشاريع وغيرها تدخل في مجال الخدمات

ذات القيمة المضافة العالية، يعني لها مردودية تتجاوز 60 %.

 ما نتمناه بعد التصريحات الاخيرة وادانتها من قبل الاتحاد الافريقي ان لا يخسر ابناء تونس مشاريعهم المستقبلية في قارتنا السمراء، والاّ تدفع بلادنا ثمن هذا الموقف غاليا.

 تونس تعيش ازمة اقتصادية غير مسبوقة وهي في حاجة الى كل الشركاء لا سيما بلدان جنوب الصحراء الافريقية باعتبارها بلدان واعدة في طور البناء.

 على رجل الدولة ان يفكر في مصالح بلاده الاقتصادية الحاضرة والمستقبلية، العاجلة والآجلة، فالطبيعة تابى الفراغ، فكل دول العالم تسابق الزمن وتتنافس وتترصد فرص الاستثمار في كل لحظة في كافة المجالات.

 هنالك طريقتان لا ثالث لهما للتعامل مع ملف الهجرة غير النظامية في بلادنا، اما ان تعمل الحكومة على تسوية وضعيات المهاجرين في حدود امكاناتها ومدى حاجات البلاد اليهم او تسعى الى عودتهم الى بلدانهم بكرامة واحترام حقوقهم بالتنسيق والتعاون مع سفارات دولهم.

 لا يميز الناس لونهم، بل قلوبهم.

 أبدا، أبدا أبدا لن تشهد هذه البلاد المضيافة، المنفتحة مرة أخرى اضطهاد البعض للآخرين.

 لنعلم أبناءنا واهالينا أن اللون والجنس والعرق هبات من الله، لا يجوز للبشر التدخل بها.

 رفقا بقلوب الشعوب فان خرابها ليس بهين !.