بقلم: حذامي محجوب – رئيس التحرير
انه زمن التفاهة حيث حفل الزفاف أهم من الحُب، ومراسم الدفن أهم من الميت، والجاهلة الانستغراموز أهم من الأكاديمي والباحث والمفكر !.
كثر الحديث عن الانستغرام والانستغراميين.. من ارتبطوا بهذه التطبيقة التي بدأت سنة 2010 وأخذت تتطور وتتسع ويرتفع عدد المتابعين لها كل يوم.
انها شبكة للتواصل الاجتماعي مختصة في نشر الصور وليس اي صور، وانما صور خيالية فائقة الجمال، صور منمقة تمر على الفيلتر …على منصة انستغرام تجد اجمل الوجوه الشابة بفضل استعمال البوتوكس وحقن الشفاه وشفط ونفخ اجزاء من الجسم لعرضها في اجمل الاماكن الى درجة انك حين تكون عليها تعتقد انك في جزر الاحلام، لا وجود لازمات اقتصادية او مالية ولا لمشاكل اجتماعية ولا لصراعات سياسية لا حديث عن الفقر ولا عن شح الموارد ولا عن الامراض.
الكل معافى مشافى فرحا مسرورا بعالمه الافتراضي.…
ان عالم انستغرام، ساحر لا فيه خلافات دينية ولا جماعات ارهابية ولا صراعات عرقية ولا حروب.
عالم الانستغرام تتابع فيه تحميل الموضة على اجساد رشيقة منحوتة وسط مناظر طبيعية ورحلات فاخرة الى درجة ان الانستغرامورات اصبح لهم اليوم اختصاصات كالاطباء والمهندسين، هنالك من يختص في اللباس وادوات التجميل وهنالك من يختص في الطبخ وفنون الطاولة والرياضة والسباحة والغناء والرقص وما الى ذلك من الانشطة.
الكثير من الانستغرامورات ينشرون حياتهم الخاصة، حضورهم في الملاهي والحفلات الخاصة والعامة وما يسبقها من اقتناء الملابس والاكسسوارات وتدليك وتجميل واغراء.
ينشرون كذلك مستجدات علاقاتهم الحميمية، زواجهم، طلاقهم، مغامراتهم….انها تفاصيل التفاصيل عن الحياة الخاصة.
لقد اصبحت الانستغرام مهنة، اي ان الانستغرامور يتلقى اموال على نشر صوره مع العلامات التجارية، الانستغرامورات اصبحوا اليوم مؤثرين اي انهم اكثر من صانعي محتوى، هم صانعو راي اكثر من المفكرين والصحفيين وعندهم متابعين بالالاف والملايين.
عندما ينشر الانستغرامورات صورهم يقدمون انفسهم على انهم قدوات ونماذج لمتابعيهم، لذلك فان الانستغرامور حين يحصد نسبة كبيرة من المتابعين، يقدم نفسه لخدمة المنتوجات والعلامات والقيام باشهارها على حسابه في الانستغرام، اي يعرض الانستغرامورات هذه المنتوجات في تدوينات و” ستوريات “، فيحصدون الاموال على الاشهارات فضلا على حصولهم على هذه المنتوجات بصفة مجانية،لذلك تجد الانستغرامورات يعيشون على حساب غيرهم من الشركات والمحلات ولهذا السبب تراهم يرتدون اجمل الملابس ويركبون افخر السيارات وياكلون في المطاعم الفاخرة.
انهم يتلقون الاموال عل اشهارهم للمنتوج وكذلك ينعمون بالمنتوجات المختلفة دون اي جهد او تكلفة.
الانستغرامور اذن هو عملية تجارية – اشهارية -ترويجية.
انه يتحصل على المال ويستمتع بالمنتوج بمجرد نشر الصور التي يعرضها لكي يصبح المتابعون مستهلكين، يقبلون على تلك السلع والمنتوجات المعروضة.
الصورة اليوم هامة لانها تنتشر بسرعة كما ان العديد من المتابعين اليوم لا ينظرون الا الى الصورة ولا يقرؤون الكتب ولا يطلعون على المجلات.
ان الشركات التجارية تدفع لمشاهير مواقع التواصل الذين لهم اكثر من مليون متابع في العالم او الذين لهم الآلاف في بلدانهم اموالا وفيرة مقابل منشوراتهم.
الانستغرام يتلاعب بالعقول ويشجع خاصة الشباب على الحصول على المال السهل.
انه يغالط احاسيسهم ويوهمهم بان الحياة هي ما يقع على الانستغرام.
لا يستغرق الأمر وقتًا طويلاً للتفكير في السبب. تسمح لك وسائل التواصل الاجتماعي تحديدا انستغرام بمشاهدة أفضل الجوانب المختارة بعناية من حياة الآخرين، والتي تقارن بعد ذلك بالجوانب السلبية لحياتك (التي تعيشها وتراها أنت فقط). تعتبر مقارنة نفسك بالآخرين طريقًا أكيدًا للقلق والتعاسة، وقد سهلت وسائل التواصل الاجتماعي القيام بذلك.
فهل ان مجتمعنا اصبح يفضل الصورة على الحقيقة ؟ والنسخة على الاصل ؟ والوهم على الثبات ؟ والافتراضي على الواقعي؟.
انّ وسائل التواصل الاجتماعي في مقدمتها انستغرام تؤسس توقعات غير واقعية للحياة والصداقات في أذهاننا. تجعلنا أكثر إدمانًا من السجائر والكحول. إنها تمارس جاذبية قوية على كثير من الناس، مما يدفعهم إلى ان تغدو الملجا والتشاور معهم باستمرار دون حتى التفكير في الأمر.