تونس – عرب 21:
الكرم الحقيقي هو أن تقوم بشيء لطيف لشخص لن يكتشف كم كلفك ذلك وبماذا ضحيت من اجله.
الكرم قوتنا، حتى لو لم يكن الحب كذلك.
اريد الكتابة عن رجلين، هما في الحقيقة بطلان، احبا البلاد وضحيا من اجلها.
موضة هذه الايام شيطنة رجال الأعمال واصحاب المشاريع والمبادرات، اتهامهم بشتى النعوت، بالفساد، بسرقة ثروات الشعب، بالجشع، بالتحيّل، اصبح الامر كانه رياضة وطنية مكلّف بها منتخب لاوطني اضرّ البلاد وخرّب الاقتصاد وشرّد العباد وقطع ارزاقهم.
الابطال الحقيقيون في تونس اليوم، هم هؤلاء الرجال الذين يضحون بجهودهم ورفاهيتهم وحتى صحتهم من اجل الدفع بمحركات التنمية وخلق الثروات.
بالمناسبة اريد توجيه تحية لرجلي اعمال واحد تونسي والثاني ايطالي.
بولاية القيروان تغلق اليوم مجمعات صناعية ابوابها، يجد الاف العمال انفسهم في حالة بطالة قسرية، السبب قرار اداري بتوظيف بل باسقاط وفرض اداء جديد بمبلغ اكثر من مرة ونصف المرة من ثمن مادة يتم تصديرها، تم ذلك بدون اي دراسة او استشارة مسبقة مع المعنيين بالامر او حتى تقييم ونظر في وضع السوق العالمية وموقعنا مع الجهات المنافسة التي كانت المستفيد الاكبر من هذا القرار وافتكّت كلَ حرفاء مؤسساتنا ومصانعنا التونسية.
هناك في القيروان رجل وطني مخلص وهو السيد الحبيب السبري، ضحى بماله الخاص، باع رزقه من اجل تعويض عملة مجمّعه الصناعي وهم بالمائات، ولا يحرمهم واطفالهم من فرحة عيد اضحى.
نفس الموقف كان لمستثمر ايطالي احبّ تونس وتعلّق شعبها وهو السيد ” كارلو كالتران ” Carlo Caltran الذي انجز ببلادنا اربع مصانع تصديرية كبرى ليجد نفسه اليوم في حالة مغادرة ووضع المفاتيح تحت الباب بعد اكثر من عشرين سنة من الاستثمار في تونس وقد ابلغته جهات خارجية انها ترحب باستثمارات مؤسساته على ارضها، لكن رغم هذه المصائب لم يتخلّ هذان رجلا الاعمال الحبيب السبري وكارلو كالتران ويختفيا ويتنكرا لعمالهم خاصة ونحن عشية عيد، قاما بحركة هي بمثابة موقف سيذكره اهالي القيروان.
ما يحزّ في النفس غياب تام للسلطات الجهوية وصمت غريب لمن بيده قرار انقاذ هاته المجمعات الصناعية والحرص على مواصلة نشاطها بالتالي عدم القاء الاف العمال المباشرين وعشرات الالاف الاخرين غير المباشرين في متاهات الفقر والجوع والخصاصة.
انّ السقوط في التخلف أسهل بكثير من الصعود الى النجوم.
في المقابل رجلان من مدينة الاغالبة اعطانا درسا في الكرم والإيثار..
شكرا السيد الحبيب السبري.
شكرا السيد كارلو كالتران.