تونس وصراع الإرادات!.

بقلم: حذامي محجوب

رئيس التحرير

لتوماس باين، مقولة تفيد انّ: “قهر الإستبداد ليس بالأمر السهل ولكن ما يعَزينا أنه كلما اشتد الصراع قسوة …كلما ازداد النصر مجدًا”.

انّ الاضراب العام الذي دعا اليه الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 16 جوان 2022 كان ناجحا بنسبة 96,22 ٪؜ حسبما صرح الامين العام للاتحاد.

جاء بمثابة صرخة نقابية حمّالة لرسالة سياسية واضحة موجهة من قبل المنظمة الشغيلة لرئيس الجمهورية قيس سعيد.

رسالة لا تحتاج إلى تشفير او تأويل او قراءة بين السطور.

رسالة الطبقة الشغيلة في تونس، هذه القوى التي لا يمكن ان يُستهان بها ولا ينبغي تجاهلها ولا تغييبها في شأن موصول بمصلحة او مصير الوطن.

هذه الشريحة الاجتماعية القادرة على التعبئة وعلى تغيير المسارات وقلب موازين القوى.

على الرئيس قيس سعيد ان يراجع الكثير من حساباته، لان مسار 25 جويلية لن يستكمل مواعيده القادمة وخاصة منها الاستفتاء الذي بنى عليه الرئيس كل مشروعه لتونس المستقبل، اذا ما قرر الاتحاد العام التونسي للشغل الدعوة لمقاطعته نظرا لاختلاف مخرجاته مع الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

هل دخلت تونس في أولى خطوات الخيار الثالث الذي يؤسس لمسار 25 جويلية ويقطع مع منظومتين ( منظومة ما قبل 25 جويلية، ومنظومة مسار دولة وطنية يمتدّ على ستّة عقود ).

هل ستحدث رسالة الاضراب العام صدمة تجعل ساكن قصر قرطاج يراجع مشروعه ؟ وهل سيتخلى الرئيس قيس سعيد عن سياسة الهروب إلى الامام ؟ وهل سيسعى في الايام القادمة إلى عقد لقاءات واجتماعات مع الاتحاد العام التونسي للشغل ليجنب البلاد صراعا واحتقانا لا تتحمل نتائجه وتبعاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، هل سيسعى إلى التهدئة ؟

هل سيغير سياسته مع الاتحاد قبل زيارة مرتقبة لممثل البنك الدولي جهاد أزعور يومي 20-21 جوان ؟

ام ان الرئيس قيس سعيد سيترك امر الخلاف بين حكومته والاتحاد ؟

يبدو أنه كان بالامكان الغاء الاضراب العام أو تأجيله إلى حين الوصول إلى اتفاق مع كلى الطرفين، ولكن يبدو ان المفاوضات لم تكن بالجدية المامولة خاصة وان قيادات من الاتحاد تحدثت عن غياب انسجام لدى الفريق الحكومي المفاوض الذي تضمن وزراء المالية والصناعة والشؤون الاجتماعية، وصرح معظمهم بان المفاوض الحقيقي كان رئيس الجمهورية وليست الحكومة الحاضرة الغائبة مما يدل على ان الخلاف الحقيقي هو بين الاتحاد والرئيس قيس سعيد.

قد يكون هذا الإضراب بداية صراع جديد إذا تشبث الرئيس بموقفه دون مراجعة أو تراجع، وهنا ستجد المعارضة مجالا لإسقاط مسار 25 جويلية برمته.

 ففي تقدير الموقف الراهن، ان البلاد في خضم صراع إرادات بين الرئيس ومؤيديه وعلى قلّتهم، وبين قوى معارضة لإجراءاته تتحول يوما بعد يوم إلى معارضة راديكالية منطلقها ” جبهة الخلاص ” وقوى أخرى قد تتشكل وراء جبهة الاتحاد.