جدّة: قمة بحجم التحديات التي تواجه المنطقة والعالم!.

بقلم: حذامي محجوب – رئيس التحرير

إن حضور الرئيس السوري بشار الأسد مؤتمر القمة العربية في مدينة جدة السعودية يوم 19 مايو 2023 بعد تغييب دام اكثر من عشر سنوات، هو اهم انجاز بالنسبة الى العالم العربي واهم خطوة نحو تجسيد التضامن بين البلدان العربية، وبإجماع وسائل الاعلام العالمية عدّ بمثابة ضربة معلّم من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فغياب سوريا عن مقعدها العربي في جامعة الدول العربية شكل غصة في قلب كل مواطن عربي كبر وترعرع على ان الأمة العربية هي كسائر الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى الجسد كله.

قرار استعادة موقع سوريا في مجلس جامعة الدول العربية لم يكن سهلا، بل هو ثمرة لجهود ومبادرات سياسية واعية اقدمت عليها اولا دولة الامارات العربية المتحدة، بعد ذلك الجزائر، لكنها وصلت الى اوجها ومنتهاها مع المملكة العربية السعودية التي اتبعت سياسة اكثر واقعية جعلتها تفتح باب الحوار مع كل الفاعلين في المنطقة، حتى في العالم باعتبار ان الملف السوري هو ملف عربي بامتياز لكنه قد خرج وافلت من ايدي الدول العربية خلال العقد الاخير.

 ادركت المملكة كذلك ان الحوار مع النظام السوري ضروري، في ظلّ الوضع الدولي الراهن والتحولات الجغرا – سياسية التي تؤسس لمرحلة جديدة من الوضع الدولي.

 فتحت المملكة باب التفاوض مع كل الفرقاء، حيدت القيادة السورية بما يجعلها غير بعيدة عن كل القضايا العربية والتفاعل الايجابي بدبلوماسية ذكية رسمها الملك سلمان بن عبد العزيز وحبك خيوطها ولي العهد الامير محمد بن سلمان الذي اثبت انه يتمتع بحنكة ورؤية سياسية ثاقبة للوضع العربي والدولي.

عودة قلب العروبة النابض وعاصمة الامويين الى الجامعة العربية هي استراتيجية عربية شرع فيها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وانجزها وزير الخارجية السعودي بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين وسمو الامير ولي العهد.

ان طموحات ومخرجات قمة جدة كبيرة وهي مطالب عربية، بما يدفع الى القول انه يمكن وصفها بقمة المصالحات الكبرى أو لقاء القادة العرب من اجل التجديد والتغيير …انها قمة استثنائية بامتياز، انعقدت في عروس البحر الاحمر مدينة جدة، لا مبالغة حين نقول انها استثنائية لانها جعلتنا نقفز فوق الواقع العربي المؤلم ونستعيد املا جديدا، املا كم يحتاجه العالم العربي بان يتوحد لمجابهة التحديات المطروحة عليه.

هل سيتوقف القتال في السودان ؟ وهل تستطيع المساعي الدبلوماسية وقف نزاع بين جنرالين كانا بالامس متحالفين من اجل انقاذ بلدهما ؟ وهل ستستقر الاوضاع في ليبيا ويتم اجراء الانتخابات المعطلة منذ قرابة العامين ؟ وهل سيخرج لبنان من وحل انهيار الدولة وافلاس الاقتصاد ؟ وهل من امل في حل الخلاف المغربي الجزائري مع غياب الرئيس الجزائري والعاهل المغربي عن القمة ؟.

 لا شك ان الملف اليمني على طريق الانفراج خاصة مع عودة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وايران.

ما يشهده العراق من انقسامات طائفية وشحّ في المياه بنفس وضع مصر وما بادرت به دولة اثيوبيا بانجاز سدّ النهضة الذي قلّص من حقوقها في مياه النيل.

 ان القمة العربية تأتي في ظلّ وضع اقليمي صعب ووسط بيئة دولية مليئة بالصراعات والازمات، لكن رغم ذلك فانّ تطلع العرب نحو المستقبل وتشخيص العلل هو افضل اسلوب للعلاج.

 عادت سوريا الى امتها وعاد العرب الى الشام التي منحت التاريخ العربي ابهى عصوره، لم يكن ذلك ممكنا لولا دور المملكة التي تحركت بكلّ ثقلها وسياستها الواقعية للتحفيز والتفكير بترتيب اولوياتنا العربية وفي مقدمتها ان تتقدم الدول العربية بمبادرات داعمة وحقيقية لاستعادة الاقتصاد السوري فعاليته واعمار ما دمره الزلزال ومن قبله الارهاب، وعندما تتعافى الشام فان الامة العربية ستكون في حالة صحية افضل.

 لا يختلف اثنان اليوم عن الدور الريادي الذي اضطلعت به المملكة، لضمان نجاح هذه القمة الحدث والذي من شأنه أن يعزز أواصر التضامن والتعاون في المنطقة، ويعطي دفعة جديدة للجهود المبذولة لإيجاد الحلول المناسبة لمجمل القضايا والتحديات التي تواجهها امتنا.

 هنالك اجماع عربي وثقة نلمسها لدى المواطن العربي في أن رئاسة السعودية تحديدا ولي العهد محمد بن سلمان للقمة العربية من شان ذلك ان يساهم في تعزيز التعاون العربي – العربي وتنسيق المواقف بما يجعل العرب صوتا واحدا موحدا، لا يخدم الاّ مصالح شعوبهم امام هذه الاوضاع الدولية الطارئة.

 انَ نجاح “قمة جدة” يؤكد دور السعودية في جمع كلمة كل العرب.. وعاملا رئيسيّا لدعم التعاون العربي – العربي نحو عصر جديد من التقدم والأمن والازدهار والتنمية المشتركة.