خطاب عن الصناعة.. بعيد تماما عن حقيقة الأوضاع !!.

تونس – عرب 21:

استمعت على أمواج إحدى الإذاعات الخاصة الى السيد نبيل بن بشير رئيس وحدة التصرف بوزارة الصناعة ورئيس برنامج “باص اميت” Pace -amit وهو برنامج دعم الصناعة والتجديد والذي من بين أهدافه إحداث صندوق تمويل للمؤسسات الصغرى والمتوسطة لبعث مشاريع تشاركية.

كانت انطلاقة البرنامج الرسمية يوم 11 جانفي 2024 ستنتفع به مشاريع لـ 40 مؤسسة صغرى ومتوسطة بقيمة 100 مليون للمشروع الواحد.

كان حديث السيد بن بشير الإشادة بمجهودات دعم الصناعة والصناعيين والمشاريع الصناعية ببلادنا !!.

عجبت وأعجب لهذا الكلام ولهذا الموقف.

إن كلّ متابع لمجال الصناعة بتونس يعلم علم اليقين ما عانته وما تزال تعانيه عشرات المؤسسات من متاعب ومشاكل أدى بأغلبها إلى الإفلاس والغلق وتسريح آلاف العمال وقضايا في المحاكم وخسارة ديون وغرامات تعويض بآلاف المليارات..

إنها مؤسسات كانت الى وقت قريب تفخر بلادنا، أشعت داخليا وخارجيا بانجازاتها وخبرة أصحابها ونجاحها في تحقيق الإشعاع الكبير في المجال الصناعي العالمي.

 مؤسسات استثمر فيها أصحابها بالغالي والنفيس مراهنين على قدرة التونسي على الانجاز والإضافة والفوز في السباق الصناعي العالمي.

يكفي أن استشهد بانجاز احد رجال الأعمال الوطنيين البارزين الذين يفخرون بلادنا بإشعاعه ونجاحاته وتميزه، وهو السيد الحبيب السبري الذي ولج مجال الصناعة من الباب الكبير، استثمر في مصانع شيدها بنفسه في إحدى أفقر مناطق بلادنا وهي القيروان بمواصفات عالمية ليشغًل المئات من المهندسين والكفاءات من خريجي الجامعات، وجد كلّ الدعم في بداية انجاز المشروع من قبل المؤسسات المالية داخليا وخارجيا لثقتهم في قدرة وكفاءة ونجاح هذا المستثمر الصناعي السيد الحبيب السبري بما في ذلك احد ابرز البنوك البريطانية التي وفرت تمويلات هامة، ليجد نفسه في نهاية المطاف محكوما بإجراءات إدارية تمّ اتخاذها من قبل موظفين يجهلون طبيعة هذا المجال الصناعي وشراسة المنافسة العالمية فيه وقاموا بذلك بدون ادنى مشورة او تنسيق مع الصناعيين وأصحاب هذه المشاريع.

لكن الأخطر في هذه الوضعية الغياب التام لمصالح وزارة الصناعة ولامبالاة بعض المسؤولين فيها، فلا احد اهتمّ بوضعية وملف هذه المؤسسات او تنقّل على عين المكان للتعرف عن حقيقة هذه الخسارة الوطنية وقبل ذلك السعي مع هؤلاء أصحاب المشاريع من الصناعيين للنظر والبحث عن الحلول الممكنة قبل الكارثة.

 لا ادري لمن يتحدث ويحكي السيد نبيل بن بشير عن دعم الصناعة والتجديد والقطاع الصناعي في تونس وهي التي كانت تفخر بشبكة مجموعة مؤسساتها الوطنية والتي أصبحت تعاني اليوم الصعوبات وراء الصعوبات.

انه خطاب السكيزوفرينيا الإدارية الذي لا يزيد أي مراقب إلا الاقتناع بأن المشاريع المجددة والعملاقة والمشغلة لآلاف العمال والمركزة في بلادنا تونس، مآلها يبقى جد غامضا لكي لا نقول مصيرها المحتوم الفشل مادام هذه العقليات البيروقراطية بيدها مفاتيح الحلً والربط.