بقلم – ابوبكر الصغير
قدر الرجال في هذه الدنيا ألّا يذوقوا طعماً للسعادة ما لم تكن مجبولة بنصيب من كآبة.
هكذا يمكن تلخيص مسيرة رجل بمكانة محمد مواعدة الذي ودّعناه قبل سنوات قليلة إلى مثواه الأخير.
فالرجل لا ينبل حتى تكون فيه خصلتان: العفة عن أموال الناس، والتجاوز عنهم.
عرفت سي محمد وأنا انطلق في خطواتي الأولى في عالم الصحافة المكتوبة، تحديدا بجريدة “الرأي” التي تولَى رئاسة تحريرها.
حتى بعد قطع العلاقة مع صاحبها المرحوم حسيب بن عمار صاحب الجريدة، والتحاقه بمجموعة المرحوم احمد المستيري وتأسيس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، تواصلت علاقتي بالمرحوم وكنا نتشاطر الكثير من المواقف والأفكار.
بقيت عشرتنا وتمتنت الصلة بيننا اولا عندما خلفته في رئاسة تحرير ” الراي ” وبعد تأسيس مجلة “الملاحظ ” التي كانت له فيها مساهمات فكرية وسياسية قيمة.
سافرنا مع بعض وجمعتنا عديد المهمات، اذكر تحديدا رحلة بيروت حيث اكتشفت حجم التقدير والاحترام الذي تكنّه النخب اللبنانية والعربية بشكل عام لسي محمد.
فهو في تقدير موقفها احد ابرز رموز التنوير العربي المؤمن بقدرة العرب على أن يكون لهم دور تاريخي في العالم.
لم تنصف هذه الدنيا المرحوم محمد مواعدة في حياته، فمواقفه وثباته على المبادئ التي آمن بها كلّفته غاليا.
أرجو ان يعمل من عرفوه وقاربوه على تخليد اسمه، كأن يخصص اتحاد الكتاب ندوة حول مسيرته وانتاجاته الفكرية والأدبية بمناسبة الذكرى السنوية لوفاته وان تقوم بلدية نفطة بإطلاق اسمه على إحدى دور الثقافة أو الشوارع، إضافة ان تتولى وزارة الثقافة جمع كتبه ومقالاته في مؤلّف تستنير بمضامينها الأجيال الجديدة.
ليس للرجل سوى مجد واحد حقيقي هو ما يقدمه لشعبه، والمرحوم مواعدة قدم الكثير.