رحلة العدالة والتمكين في السعودية

بقلم – أ. حذامي محجوب: رئيس تحرير

يقول محمد عبده: “المرأة والطفولة ليست مجرد قضية إنسانية، بل هما مقياس لحضارة مجتمع”.

 تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، أنجزت المملكة العربية السعودية نهضة تشريعية متكاملة.

 إلى جانب سعيها لتطوير واقعها الاقتصادي وتحسين مستوى عيش شعبها، تولي المملكة أهمية كبيرة لتنظيم المجتمع وتحسين العلاقات بين مختلف أفراده، إيمانًا منها بأنه لا معنى لأي نهضة اقتصادية مالم يكن المجتمع متعافيًا، يشعر جميع أفراده بالطمأنينة أمام العدالة، ويحصلون على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

 ” العدل هو أساس العمران”، ضمن هذه الرؤية وفي هذا المناخ السياسي يتاسّس نظام الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعودية تتويجا لنظام المعاملات المدنية، وتعزيزا للعدل المنشود.

 يعتبر القانون الجديد علامة مميزة وفارقة في تاريخ التشريع القضائي السعودي، باعتبار ما تضمنه من جوانب إيجابية مهمة، حيث وضع فيه المشرعون السعوديون خلاصة معارفهم وتجاربهم.

 إنه قانون شامل وملم بكل التفاصيل والجزئيات، لم يدع ثغرة إلا وأوجد لها الحلّ والمعالجة الضرورية. اهتم بكل الجوانب التي تهم الأسرة وأوفاها حقها وزيادة، من القضايا المتعلقة بالخطوبة والمهر والزواج، وحقوق الزوجين والطلاق، والنفقة، وحضانة الأطفال إلى القضايا المتعلقة بالنسب والوصية والإرث والولاية والوصاية.

 اخذ هذا القانون بعين الاعتبار كل ما يمكن أن يحدث من طوارئ ومتغيرات في المجتمع وفي العلاقات التي تتاسّس داخله.

 ركز كذلك على ضبط السلطة التقديرية للقضاة بما يعزز استقرار الأحكام ويحد من اختلافها بين المحاكم

 كما تناول العلاقات الأسرية وحماية حقوق أفرادها، وتسريع الفصل في النزاعات الأسرية حماية للأطفال وضمانا لسلامتهم.

 ما يشد الانتباه في هذا النظام الاجتماعي الجديد حرصه على حقوق المرأة وحمايتها في كل الاوضاع والحالات، مراعاة لما قد تلاقيه النساء من عراقيل وضغوطات في الزواج أو مشقة في الطلاق أو في الحصول على النفقة أو الميراث الشرعي.

وضع النظام الجديد حدًا لكل هذه المشاكل، حيث أولى عناية كبيرة بحماية حقوق الإنسان، وحفظ استقرار الأسرة، وتمكين المرأة من حقوقها التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتواكب في نفس الوقت التطور الذي بلغه المجتمع.

انسجاما مع سياسة المملكة العربية السعودية التي تقوم على السير بالمجتمع إلى الأفضل وفي نفس الوقت تسعى إلى الحفاظ على خصوصيتها المستمدة من عاداتها وتقاليدها العميقة، من هذا المنطلق انفتحت المملكة العربية السعودية على الممارسات القضائية الحديثة ليتواكب النظام الجديد مع التحديات والمتغيرات العالمية.

إذا أردت أن تغير العالم، فابدأ بتغيير معاملتك للمرأة وتوجيه اهتمامك لحقوق الطفولة، هكذا تحدثت جاكلين كينيدي.

لذلك كان من أهم ما احتوت عليه منظومة القانون الجديد أنه حسم في مشاكل كان مسكوتًا عنها لسنوات، كتكافؤ النسب وزواج القاصرات.

حيث كان البعض يقدم على تزويج ابنته أو اخته قبل بلوغها السن الذي يؤهلها لذلك بذرائع واهية، ما أنزل الله بها من سلطان، واستناداً إلى فتاوى تعود إلى عصور بائدة تتضارب مع مقاصد ديننا الحنيف.

 زحسم هذا القانون الجديد كل العوائق والصعوبات التي منعت المرأة من القيام بدورها الرائد في بناء المجتمع، وسلبتها من حقوقهادو جعلتها رهينة لمزاج البعض الذين يحرّمون عليها في العديد من الحالات ما وهبه الله لها من حقوق كالميراث وغير ذلك.

إن كل هذه العوائق كانت تكبل المرأة وتمنعها من المساهمة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

ان رؤية المملكة 2030 تنظر إلى تمكين المرأة كأحد أهدافها الرئيسية.

 كما اهتم النظام الجديد كذلك بحقوق الأطفال، ومنع استخدامهم للضغط لإجبار الزوجة او مساومتها للتنازل عن حقوقها مقابل الحضانة، ركز على ضمان مصالح المحضون في المرتبة الأولى، وذلك ايماناً بأن الأجيال التي ستتسلم راية العمل والإنجاز في المستقبل لا بد أن تحظى بالعناية والرعاية لتحقيق النجاح.

 انّ ” المجتمع الذي يحترم المرأة ويحمي حقوق الطفولة هو المجتمع الذي يحقق التقدم والازدهار الحقيقي ” – نيلسون مانديلا.

 إذا أردت أن تعرف رقي أمة، فانظر إلى وضع نسائها.