عرب 21 – ابوظبي:
قال سعادة راموناس دافيدونيس سفير جمهورية ليتوانيا لدى الدولة ان بلاده تتطلع لتطوير علاقاتها مع دولة الامارات العربية المتحدة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والسياحية والتعليمية .
وذكر في تصريح صحافي اليوم , بمناسبة الاحتفال بمرور 30 عاماً على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولة الامارات وجمهورية ليتوانيا انهبعد مضي ثلاثة عقود، ازدهرت علاقات الصداقة والتعاون ما بين البلدين ولا زالت تنمو لتصبح أكثر عمقًا بما يخدم مصلحة الشعبين .
ومضى قائلا ” لقد جاء اعتراف دولة الإمارات العربية المتحدة بليتوانيا بوصفها جمهوريةً ديمقراطيةً مستقلة في 16 أكتوبر عام 1992، خطوة مهمة بالنسبة لنا , ومنذ ذلك الحين انطلقت العلاقات الدبلوماسية المتينة بين البلدين الصديقين .
وأكد ان هناك العديد من العوامل المشتركة التي تجمع ما بين ليتوانيا والإمارات العربية المتحدة لا سيما فيما يتعلق بالرؤية المستقبلية والأهداف التنموية، فكلتا الدولتان تطمحان لاحتلال الصدارة مجال الابتكار لتكون كلٌ منهما مركزًا لاستكشاف الأفكار الجديدة ونقطة انطلاقٍ للشركات الناشئة، وسفيرةً مدافعةً عن البيئة والتنمية المستدامة – تلك كلها مجالاتٌ تميّزت فيهما الدولتان على مدار 30 عامًا وستكون بلا شك منبع ازدهارٍ وتعاونٍ ما بينهما في المستقبل القريب.
وأشار الى انه تم افتتاح سفارة ليتوانيا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة في أبوظبي في عام 2020 بهدف تعزيز العلاقات ما بين البلدين. وبحلول ذلك الوقت، كان العديد من رجال الأعمال الليتوانيين المحترفين قد صنعوا سمعةً طيبةً بالفعل في دولة الإمارات.
وقال انه مع ازدياد أعداد الأوروبيين الذين يتخذون دولة الإمارات موطنًا ثانيًا لهم، وازدياد عدد الإماراتيين الذين يكتشفون جمال ليتوانيا، أصبح لا بد من تعزيز سبل التعاون والتفاهم المشترك ما بين البلدين مع العمل يدًا بيد لتحقيق خير ورفاه شعبهما.
واوضح انه على مدار السنوات الثلاثين الأولى من العلاقات الرسمية التي تجمع ما بين دولة الإمارات وليتوانيا، بدت أوجه التشابه والسعي المتبادل لكلا البلدين نحو ترك بصمتهم الخاصة في مجالات خبرتهم واضحةً وجليّة.
واضاف قائلا ” تحمل السنوات الثلاثين القادمة في طياتها آفاقًا أعمق للصداقة والتعاون بينهما. إنّ وجهات نظرنا وخبراتنا الإقليمية تكمل بعضها البعض بطرقٍ تحفز إبداعنا وتعزز سعينا نحو مضاعفة العمل والابتكار، وبتوحيد جهودنا، بوسعنا المساهمة بشكلٍ فعّال في خلق عالمٍ أكثر استدامة وسلمًا.”
وقال انه على الرّغم من كون ليتوانيا دولةٌ صغيرةً من حيث المساحة – 65.3 ألف متر مربع ممتدةٌ على الساحل الشمالي الشرقي لبحر البلطيق ولا يتجاوز عدد سكانها 3 مليون نسمة – إلّا أن شعبها يمتاز بطموحه الكبير وسعيه الدؤوب لترك بصمته الخاصة على الصعيد الدولي.
وكشف ان بلاده عانت سنواتٍ من النضال والاحتلال والحروب التي ساهمت في صياغة جوهر القيم التي يحملها الشعب الليتواني على مدار أجيالٍ عديدة والمتمثلة في الحرية والتسامح والتعايش. وبسيرها على هذا النهج، تمكنت ليتوانيا وعاصمتها فيلنيوس التي احتفلت بالذكرى السنوية الـ 700 لتأسيسها في عام 2023، من احتلال الصدارة في مجال الابتكار والذكاء والإبداع في أوروبا.
التميز والابتكار
وقال سعادة السفير الليتواني لدى الدولة ” تعد الطبيعة إحدى الكنوز العزيزة على قلوب أفراد الشعب الليتواني، وهي قيمةٌ توارثوها جيلًا بعد جيل. لذا، نجد أنّ العلماء والمبدعين الليتوانيين لا يدخرون جهدًا في سبيل إيجاد حلولٍ لظاهرة تغير المناخ مع التركيز على علوم الحياة.
وأشار الى انه على غرار دولة الإمارات العربية المتحدة، وضعت ليتوانيا نصب عينيها هدفًا طموحًا بأن تصبح رائدة في مجال علوم الحياة في المنطقة بحلول عام 2030، لا سيما كون هذا القطاع يساهم فيما نسبته 5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، إذ تم استثمار 400 مليون يورو في تطوير البنية التحتية المخصصة لعلوم الحياة في الدولة، الأمر الذي أتاح لهذا القطاع الحيوي النمو بنسبة 22 بالمائة سنويًا، مساهمًا بنسبة 2% من إجمالي الناتج المحلي في ليتوانيا، أي ما يفوق ستة أضعاف متوسط الاتحاد الأوروبي.
وكشف النقاب عن التطورات العلمية في بلاده بالقول ” تتمتع ليتوانيا بسجل حافل بالابتكارات – بدءًا من مشاركتها في إنشاء أحد أكبر أجهزة الليزر العلمية في العالم، وحتى دورها في بناء أقمار النانو الاصطناعية. وفي عام 2020، أصبح مركز علوم الحياة العالمي بجامعة فيلنيوس موطنًا لمعهد الشراكة الأوروبي لمختبر البيولوجيا الجزيئية (EMBL) لتطوير تقنيات التحرير الجيني، بهدف جذب كبار الباحثين العالميين المتخصصين في مجال علوم الجينوم.”
وأضاف قائلا” تساهم أجهزة الليزر التي ابتكرتها ليتوانيا في حل المشكلات الصحية والعلمية والصناعية في مختلف أنحاء العالم. وفي الوقت الحالي، تستحوذ صناعة الليزر في الدولة على أكثر من 50% من سوق النبضات فائقة القصر العلمية العالمية. إذ يتم استخدام أجهزة الليزر تلك لدى وكالة الفضاء الامريكية “ناسا” والمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن)، إلى جانب شركاتٍ عالميةٍ معروفة مثل IBM وهيتاشي وتويوتا وميتسوبيشي.”
نظام بيئي يكفل تحقيق الأمن والتنوع الغذائي
وقال ان ليتوانيا تشتهر بكونها تجمع ما بين أفضل خيرات الطبيعة وأحدث التقنيات المتطورة. الأمر الذي يجعلها شريكةً مثاليةً للدول التي تتطلع إلى تنويع مصادرها من حيث المنتجات الغذائية الزراعية والسلع الاستهلاكية السريعة التداول ((FMCGالمبتكرة والصحية على حدٍ سواء.
وعلى الصعيد التقني، اوضح ان بلاده تمتلك مجتمعًا مزدهرًا يضم أكثر من 700 شركة ناشئة، وتولي الدولة البيانات المفتوحة اهتمامًا كبيرًا، فضلًا عن حرصها على تعزيز التعاون ما بين الباحثين ورجال الأعمال. وعلى الرغم من أنّ التحرير الجيني يشكّل مجالًا بحثيًا مزدهرًا في ليتوانيا، إلا أنّ زراعة المحاصيل المعدلة جينيًا محظورةً في البلاد.
ومضى قائلا ” تتمتع ليتوانيا بتنوعٍ غذائيٍ عميق، وتولي صناعة المواد الغذائية اهتمامًا كبيرًا وتضعها على أعلى سلم أولوياتها لأنها تلعب دورًا مهمًا في اقتصادها العام. إذ تعد الدولة من رواد القارة في هذا المجال من حيث حصة الناتج الإجمالي المحلي. وفقًا للمديرية العامة للمفوضية الأوروبية “يوروستات”، فقد كان القطاع مسؤولاً عن 3.7٪ من إجمالي الناتج المحلي لليتوانيا في عام 2020 (وهو ضعف متوسط الاتحاد الأوروبي)، كما سجلت القيمة المضافة أيضًا ارتفاعات قياسية بلغت 1.5 مليار يورو سنويًا.
وكونها جزءًا من الاتحاد الأوروبي، تنظر ليتوانيا إلى الزراعة العضوية بوصفها سبيلًا للازدهار. ففي عام 2020، كانت البلاد تمتلك 240،024 هكتارًا من الأراضي المزروعة زراعةً عضوية، والتي تمثل 8.1٪ من إجمالي الأراضي الزراعية. ويتمتع القطاع الزراعي بالدولة بدرجة عالية من الاكتفاء الذاتي، والتي تبلغ 151٪ لمنتجات الألبان، و236٪ للحوم البقر ولحم العجل، و267٪ للحبوب. ويتيح هذا الإنتاج المرتفع للدولة تصدير 51٪ من إجمالي محصولها الزراعي و47٪ من ثروتها الحيوانية. إذ يتم تصدير منتجات الأغذية الزراعية الليتوانية إلى ما يصل إلى 154 دولة حول العالم بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة.
مجتمع التتار
ووصف مجتمع التتار في بلاده بانه علامة لإحدى أروع العلاقات التاريخية والثقافية المميزة التي تربط ليتوانيا بالخليج العربي حيث أن المسلمين عاشوا بين غاباتها وبحيراتها لما يقارب 700 عام. وعلى الرغم من حالات التوتر الديني التي سادت أجزاءً أخرى من أوروبا، إلّا أنّ التسامح والتعايش سادا دوقية ليتوانيا الكبرى حيث حظي الناس من مختلف الأصول والخلفيات بالاحترام والتقبل.
وقال انه حين كانت ليتوانيا في طريقها نحو استعادة استقلالها في عام 1918، كان مجتمع التتار يشكل جزءًا لا يتجزأ من الدولة، لا سيما في مجال الخبرة العسكرية، فقد سكنوا البلاد منذ القرن الرابع عشر إبّان حكم دوق ليتوانيا الأكبر فيتوتاس.