بقلم – أبو بكر الصغير
اصل القضية ان معظم الناس يفكرون بأمنياتهم أو بمخاوفهم بدلا من أن يفكروا بعقولهم، فعلى مذبح القرار ينام الناس نوما عميقا.
انَ عقل الإنسان هو آخر معاقل كل خصوصية.
الانسان بيننا، ككل الجنس البشري لديه عقل ساذج: يحب أن يؤمن بالوعود، كما يؤمن المرء ببراعة الساحر. في هذا يكمن سرّ ازدهارالتلاعب بحياة الناس ومصائرهم.
عندما تمّ رفع شعار ” خبز وماء وبن علي لا … ” اعتقد التونسيون انّ ما سياتي بعد هذا ” المستبدّ، الديكتاتور، المخلوع، الفاسد ( اترك لكم نقاطا لتلصقوا ما تشاؤون من مزيد الصفات به ).. خير وفير ونعم لا تحصى ولا تعدّ، خاصة بعد ان طلع البدر على هذاالشعب الطماع.
ذلك المفكر العظيم ناعوم تشومسكي، كتب في مسألة تلاعب القوى النافذة والحكومات والأنظمة وحتى الاشخاص بالشعوب، سمى هذاالتلاعب ب ” استراتيجيات التحكم والتوجيه العشر “، التي تعتمدها دوائر النفوذ في العالم للتحكم بالشعوب وتوجيه سلوكها والسيطرةعلى أفعال افرادها وتفكيرهم.
انّها استراتيجية او طريقة يتم تنفيذها عن عمد بهدف التحكم، من خلال علاقة قوة وترهيب وخدمة المصالح.
يمكن اختصار الامر في عنوان: استراتيجية الالهاء !. التي هي “أساس” المفهوم، تتّجه إلى صرف انتباه الجمهور عن المشاكل الحقيقية المهمة بفضل الطوفان المستمر من المشتتات والمعلومات غير المفيدة: الأخبار، المحاكم، الرياضة، الصحافة الصفراء، تلفزة القمامة، المسلسلات التافهة، فضائح النجوم والفنانين وكلّ من كسب شهرة في المجتمع.
في واقع الامر، انه كلما قلت معرفة الجماهير، زادت قدرتهم على قبول التوجيه كما يحلو لمن بيدهم مصائرهم، حتى لو كانت الجماهير متعلمة، ليس في الامر مشكلة ولا يجب الانشغال بذلك، فما على هذه القوى فعله فقط هو خفض جودة التعليم وتهميشه، يحصل الناس على شهاداتهم ولن يكونوا قادرين على فعل أي شيء ولن يفهموا شيئا.
أصبح التلاعب الجماعي أكثر حيوية من أي وقت مضى، بل إنه أكثر إصرارًا، يستمر في غزو حياتنا اليومية.
إنه لا يتردد في التحرر من كلّ القواعد الاخلاقية والنظامية والقانونية التي تحدّ من فعله.
ليس من حل امام هذا الوضع الاّ ان يسعى المرء الا يهمل أي شيء تستلزمه حياته، لا يستغني عن الاستماع للآخرين والتفكير بنفسه وماتتطلبه مصلحته.
انّ ثمن الحرية هو اليقظة الدائمة التي في النهاية سوى الحقّ في أن يكون مختلفا ؟.