عندما تكون السعودية استباقية وحذرة في سياساتها الطاقية !.

بقلم – أ. حذامي محجوب: رئيس تحرير

جدد مجلس الوزراء السعودي، حرص المملكة على دعم الجهود الهادفة إلى تعزيز استقرار أسواق البترول وتوازنها.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن المجلس أشاد بما أكدته الدول المنتجة للنفط في أوبك وخارجها من الالتزام بالوحدة والتماسك الكامل واستقرار السوق من خلال إعلان التعاون، الذي تم التوقيع عليه في العاشر من ديسمبر 2016.

وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان اعلن عن تخفيضات “أوبك+” لإمدادات سوق النفط، قائلا إن أسواق الطاقة العالمية تحتاج إلى تنظيم مخفف للحد من التقلبات.

وقال الأمير عبد العزيز، خلال جلسة حوارية ضمن مؤتمر البترول العالمي المنعقد في كندا، إن هناك حالة عدم يقين مستمرة بشأن الطلب الصيني والنمو الأوروبي وإجراءات البنك المركزي لمعالجة التضخم.

وأضاف: “نريد أن نكون استباقيين وحذرين.. لا نستهدف الأسعار وإنما تقليل التقلبات، العالم قد يتحول من أزمة طاقة لأخرى إذا لم تكن سلاسل التوريد جيدة التخطيط، وهناك حاجة لإقامة شراكات لإنتاج الهيدروجين الأخضر والكهرباء النظيفة”، وفقا لوزير الطاقة السعودي.

لكن بدات سنة 2024 بصدمة لشركات النفط،اذ تستعد المملكة العربية السعودية لخفض سعر بيعها الرسمي، ويبدو ان المملكة ترغب في تذكير الجميع بسلطتها على ( الاوبك) وكذلك للدفاع والحفاظ على حصتها في السوق العالمية أمام المنافسة حتى بين الأعضاء الآخرين في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، والتي تتصدرها المملكة العربية السعودية بلا منازع.

تتوقع شركة، أرامكو السعودية، الرقم الأول عالميًا، خصمًا هامًا، يصل إلى 2 دولار (حوالي 1.82 يورو) لبراميل النفط المسوقة في آسيا، انطلاقا من 1 فيفري القادم. وهو أكبر خصم في غضون سبع وعشرين شهرًا، حسب وكالة رويترز.

إلى الآن، استجابت المؤشرات على خجل ضمن هذا السوق العالمي.

لكن يوم الخميس الماضي سجل برميل برنت من بحر الشمال ارتفاعا طفيفا استتبع كل يوم، حوالي 77 دولارًا (+ 0.79%). نفس الوضع بالنسبة لنظيره الأمريكي، خام (غرب تكساس) الفائق، بمجرد تجاوزه لحاجز الـ72 دولارًا (+ 0.91%).

تسعى المملكة وهي أكبر مصدّر للنفط في العالم بتخفيضات شهر فيفري قبل كل شيء إلى الحفاظ على حرفائها وإيراداتها.

مع الحذر من فقدان جزء منها، بعد ان ملّت من القيام بالتضحيات وحدها في صفوف منظمة أوبك.

منذ جويلية 2023، توفر المملكة العربية السعودية كل يوم حوالي 3 ملايين برميل تحت الأرض، ولا تستخرج الاّ 9 ملايين بدلاً عن 12.

هذا الإجراء، الذي سيتم تمديده على الأقل حتى شهر مارس القادم، يهدف إلى استقرار الأسعار على مستوى مرتفع.

إلا ان النجاحات هي الى اليوم دون المأمول.كاد برميل برنت في سبتمبر 2023 أن يعاود تجاوز عتبة الـ100 دولار ولكن هو الآن، اقل من 80 دولارًا.

ان منظمة أوبك، كأداة لتنظيم سوق النفط، تعتمد في المقام الأول على المملكة العربية السعودية اما بالنسبة لبقية الأعضاء الآخرين في المنظمة، فان مجال تحركاتهم محدود.

داخل الهيكل نفسه،تكون حصص الإنتاج نفسها مثيرة للتوترات، خاصة عند تنفيذ تخفيضات جماعية. ولا سيما عندما يتعلق الأمر بتطبيق تلك الزيادات. قبل فترة قصيرة، غادرت أنغولا الكارتل لتتفادى التزامات من هذا القبيل.

انطلاقا من 1 جانفي، تضم منظمة الأوبك، اثنا عشر عضوًا: الخمسة المؤسسين من عام 1960 وهم (المملكة العربية السعودية وإيران والعراق والكويت وفنزويلا)، بالإضافة إلى دولة أخرى في الشرق الأوسط وهي (الإمارات العربية المتحدة) وست دول إفريقية وهي (ليبيا والجزائر ونيجيريا والغابون وغينيا الاستوائية والكونغو ). معظم الأعضاء غير قادرين على إنتاج المزيد ويحاولون بالفعل إنتاج كل ما يستطيعون لضمان الاستقرار.

في عام 1973، وهو تاريخ أول صدمة نفطية، كانت أوبك تغطي حوالي نصف العرض العالمي. في عام 2022، انخفضت نسبتها إلى أكثر بقليل من الثلث: تقريبًا 13٪ للمملكة العربية السعودية وحدها و23٪ لبقية الاعضاء، وفقًا لبيانات المعهد الطاقوي البريطاني. ولكن ينبغي إضافة حوالي 19٪ من عشر دول أخرى، وهي بالخصوص روسيا، ثم المكسيك وكازاخستان وسلطنة عمان وأذربيجان.

تتعاون هذه الدول العشر مع الكارتل منذ عام 2016، دون أن تكون أعضاء فيه. فقد قام التحالف غير الرسمي المعروف بـ “أوبك+” بتوسيع نطاقه مؤخرًا: وقد أكدت البرازيل، في نهاية عام 2023، نيتها الانضمام إليه في عام 2024.

للتأثير على السوق، “يجب أن تمتلك أوبك بالفعل وزنًا كبيرًا في حصة السوق”، هذا ما صرح به فيليب كوبينشي،استاذ في معهد الدراسات السياسية، الذي يضيف على ذلك بانها ” يجب أن تكون موثوقة إذا كانت ترغب في أن يأخذها التجار trader بجدية. لذلك يجب أن يكون هناك تماسك وتضامن بين أعضائها “.

 معطى آخر بقي غير واضح بالنسبة للمملكة وهو الطلب العالمي على النفط، على سبيل المثال على مستوى الصناعة، وحتى الاستهلاك لدى سائقي العربات.

على المدى القصير، يمكن أن يكون إعلان المملكة عن التخفيضات يعود أيضًا إلى أنها “تخشى تأثير تباطؤ الاقتصاد على الاستهلاك في العالم”، وفقًا لفرانسيس بيرين، مدير البحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجيات.

في رؤية 2030، التي تم تقديمها في عام 2016، يتوقع ولي العهد الامير محمد بن سلمان أن تنوع المملكة من مصادر إيراداتها. لكن هذا لن يحصل طبعا بين عشية وضحاها، نظرًا لوزن صادراتها من المحروقات. لا شك ان “المملكة العربية السعودية في حاجة ماسة إلى أموال جديدة لتمويل جميع مشاريعها الضخمة، مثل تلك المتعلقة بالمعرض الدولي اكسبو 2030، وكأس العالم لكرة القدم 2034، ومدينة نيوم الجديدة، وما إلى ذلك”.

 هذا ما يقوله بعض المراقبين،دون الحديث عن نفقات الدفاع خاصة في ظل تصاعد التوترات في المنطقة وحرص المملكة على استقرارها الاقتصادي ومكانتها الإستراتيجية عالميا.