بقلم: حذامي محجوب – رئيس التحرير
فئات كثيرة من شعبنا باتت تعيش على الأوهام التي ما فتئت تروج لها وتغذيها الشعبوية المقيتة.
أوهام وأضغاث أحلام تبدو غريبة عجيبة في شعب كنا نتصور انه مثقف، يضمّ نخبا نيّرة ومجتمعا مدنيا متميزا رائدا بانجازاته ومكاسبه.
فئات من مجتمعنا، غدت مسكونة باوهام ومعلومات ومعطيات خاطئة، بأخبار خياليّة تستقيها من هؤلاء المفسّرين والمفسّرات الجدد والعرافين والعرافات والدجًالين، كذلك بعض هؤلاء المحسوبين على السلطة القائمة التي ما انفكت تبشرنا بغد مشرق وتردد ان تونس غنيّة وان ثروتها ستتضاعف وان خزائن الدولة ستفيض وسيقع حل كل المشاكل الاقتصادية والمالية..
يردد بعض العامة شائعات من قبيل العثور على مناجم للذهب في مدينة غمراسن وآبار نفط غنية في وسط تونس.
كما ردد المتطفلون على الاقتصاد والسياسة والطامعون في المناصب الشاغرة ان “البريكس” يغازل تونس ويطلب ودها ويرغب التحاقها، ويصلون صلاة الجنازة على الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة دون اي فهم او تمكن من ابجديات العلاقات الخارجية والارتباطات الجيو – سياسة.
العديد منهم يعتقد كذلك ان بعض البلدان لا تنام الليل من اجل التفكير في مستقبل ابنائنا، ستمطرنا بالمليارات لاسيما دول الخليج متجاهلين تماما لما آلت إليه هذه البلدان من حوكمة اقتصادية وسياسية وحسن التصرّف في ثرواتها.
هذا وغيره من أوهام الشعبوية وحالة الإنكار التي غذتها بعض وسائل الإعلام في سعيها نحو إرضاء السلطة وكسب ودّها.
في حين انّ الواقع عكس ذلك تماما، نحن نعيش اعسر فترة من تاريخنا الحديث، عوض التركيز على العمل وخلق الثروة والدفع بمحرّكات النمو والعمل والانجاز انخرطنا في تدمير ما تبقى لنا من ثروات حقيقية التي تتمثل اساسا في الفسفاط الذي من المفروض تثمينه إلى مواد ثانوية يقع بيعها بأرفع الاسعار في السوق العالمية مثل كل البلدان النامية.
لقد تمّ تدمير تماسك مجتمعنا ووحدته بما ادّى إلى التفتيت والانقسام وبروز شبح التطاحن.
انّ الشعبوية المقيتة ابشع ما يصيب بلد ما، تهمش النخب، يتمّ تخوينها فتهجر الكفاءات والعقول النيرة من أطباء ومهندسين ولن يكون هناك شيء يحفزهم على البقاء في بلادهم.
كما انها لا تشجع اصحاب المبادرة ورجال الاعمال والصناعيين والفلاحين والتجار على مزيد البذل وانتاج الثروة وتوفير الخيرات بقدر ما تخونهم وو تضرب في مقتل منظومات الانتاج ومسالك التوزيع.
العديد من البلدان في العالم انتجت الطاقات النظيفة من الشمس والهيدروجين الاخضر واستخرجت ثروات لا تعد ولا تحصى من بحارها.
الشعبوية شيطنت راس المال الخاص في حين انه الدافع الرئيس إلى النمو وتحريك عجلة الاقتصاد وهو القادر على التنمية ومزيد دفع الاستثمار وخلق مواطن الشغل.
متى يستفيق الشعب من اوهامه ويتخلى عن هذه الشعارات والوعود الزائفة؟!.
فحتى إن كان الوهم حقيقة، فمواصلة الاستسلام له كارثة كبرى.