بقلم: حذامي محجوب – رئيس التحرير
شكر الرئيس السوري بشار الأسد عندما تسلّم الدعوة لحضور قمّة جدّة العربية من سفير السعودية في الأردن نايف السديري خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وقال إنّ : ” انعقاد القمة العربية المقبلة في السعودية سيعزّز العمل العربي المشترك لتحقيق تطلعات الشعوب العربية “.
ان انضمام سوريا من جديد الى الجامعة العربية التي تمّ تصويرها في الداخل السوري انتصارا وعودة مظفرة هو بمثابة تاكيد عودة بشار الاسد الى الشرعية العربية..
فالزلزال الكبير الذي ضرب في فيفري والذي أسفر عن اكثر من 52000 ضحية في سوريا وتركيا ساهم في التعجيل بهذه العودة.
ينتظر ان ينزل الرئيس السوري بشار ضيفا على القمة، التي ستنعقد يوم 19 ماي، انه امر كان يبدو مستحيلا قبل سنوات.
عرفت سوريا عزلة سياسية طيلة احد عشرة سنة بعد طردها من جامعة العرب اثر الانتفاضة الشعبية التي سرعان ما تحولت الى حرب اهلية مدمّرة.
انّ هناك اسبابا كثيرة لعودة العرب لسوريا، هذا التغيير الفجئي في المواقف املته تحولات جغرا – سياسية اقليمية ودولية.
فاعادة ادماج سوريا داخل الجامعة يفسح المجال لاعادة فتح السفارات العربية في دمشق والسفارات السورية في العواصم العربية حتى وان كان القرار النهائي لاعادة العلاقات لمسارها الطبيعي وتوقيت ذلك قرار سيادي وشان داخلي لكل دولة من الدول الاعضاء.
كانت الامارات العربية المتحدة سباقة باعادة فتح سفارتها سنة 2018، اما المملكة العربية السعودية فقد اعلنت منذ ايام انها ستعيد ارسال بعثتها الديبلوماسية الى دمشق، بادرت تونس كذلك ولن يتاخر الامر بالنسبة لمصر والسودان والبحرين.
في تقدير موقف عديد المراقبين الدوليين خاصة الغربيين منهم، ما نعيشه هو بمثابة انتصار ديبلوماسي لنظام بشار الاسد، لاسترجاع سوريا مكانها في العالم العربي، بما يسمح لها بالاشتراك في صناعة الموقف العربي المشترك وحضور اللقاءات العربية الرسمية. هذا مهم لان السياسة في عالمنا العربي تعتمد كثيرا على العلاقات الخاصة التي تجمع القادة والرؤساء.
ينتج عن هذا الرجوع كذلك في الواقع اقصاء المعارضة السورية لكي لا اقول نهايتها، وهي التي شغلت مقعد سوريا في قمة الجامعة العربية التي انعقدت في الدوحة سنة 2013.
تجد هذه المعارضة نفسها اليوم على اثر قرار الجامعة العربية بعودة سوريا اليها، مهمشة ولهذا السبب نفهم ردّة فعلها ورفضها.
كما يتعلق الامر كذلك بتجفيف منابع التمويل بالنسبة لهذه المعارضة التي جنت اموال ضخمة بفضل تدفقات مالية من اكثر من نظام وجهة.
لكن لا يجب ان يغيب عن ايّ مراقب انَ من دوافع هذه التطورات اي قرار الجامعة العربية بعودة سوريا، هي المصالحة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية.
انّ تقارب الرياض وطهران تحت اشراف الصين الذي تم اعتباره احد اهم الاحداث التي عرفتها المنطقة في الاعوام الاخيرة يفسر في جانب كبير هذا المستجدّ.
ان المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير محمد بن سلمان اصبحت من الدول المؤثرة في الشان الدولي، تحظى بتقدير عواصم القرار في العالم، موقفها يحسب له الف حساب، كذلك كلمتها المسموعة خاصة بما هو موصول باوضاع محيطها الاقليمي، وهي صانعة ادوار ديبلوماسية مهمة ضمنه : ( السودان، اليمن، العراق، لبنان، وسوريا مؤخرا..) وخارجه : ( تبادل الاسرى بين روسيا واوكرانيا ).
ليست هذه السياسة غريبة عن المملكة العربية السعودية التي تشهد اليوم تقدما كبيرا في اطار رؤية السعودية 2030 التي تعد نقطة تحول تاريخية في خارطة المملكة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وفق خطة طموحة شاملة كافة الجوانب التنموية نحو غد مشرق ومستقبل واعد بالمزيد من التطور التنموي، لهذا تسابق السعودية الزمن من حيث الانجازات والمشاريع وكذلك تحقيق الاستقرار والامن الشامل لتنهض بشعبها، تكفي الاشارة فقط الى انّ من اهداف خطة التنمية بالمملكة اليوم إدراج ثلاث مدن سعودية في قائمة أفضل 100 مدينة في العالم للعيش فيها بحلول عام 2030.