بقلم – أبو بكر الصغير
تحضر أسطورة بو سعدية، ذلك الملك الزنجي الافريقي الذي لا يتوقف أبدًا عن البحث عن ابنته سعدية، وهو يتجول على إيقاع الدفوف والأفاعي المجلجلة.
استخدم طرق القوافل للتجارة ولكن أيضًا للمشاركة في تجارة الرقيق، وهي ممارسة عنصرية من شأنها تهميش مجتمع السود في تونس، بما في ذلك بعد إلغاء العبودية في عام 1846.
يقال انّ الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة اكثر رؤساء تونس ايمانا بافريقيا والاشقاء الافارقة، ندم بورقيبة على بقائه في السلطة لفترة أطول مما ينبغي وعدم السير على خطى الرئيس السنغالي ليوبولد سيدار سنغور، الذي تنحى عن منصبه في عام 1980 لتمهيد الطريق أمام رئيس وزرائه عبدو ضيوف وهي حادثة نقلها لي السيد ضيوف نفسه لمّا زرته في شقته الباريسية بعد تقاعده من منصب رئاسة السينغال.
خلال الزيارة القصيرة التي قام بها الرئيس السينغالي الاسبق ليوبالد سيدار سنغور للرئيس بورقيبة في اواسط ستينات القرن الماضي كان حلمهما وحدة افريقيا على اساس الفكرة الفرانكوفونية اي وحدة لغة المستعمر.
لفت مشروع المجتمع الناطق بالفرنسية انتباههما بشكل خاص، اتفقا على اتخاذ تدابير ملموسة لتعزيز هذه الفكرة القريبة من قلبيهما.
فوجئ المراقبون بتصريحات الرئيس سنغور الذي اشاد بالاستعمار الفرنسي قائلا انّ : “له جوانب سلبية، وأنه يجب الحفاظ على تراث الثقافة الفرنسية. لذلك يجب علينا تنظيم المجتمع الناطق بالفرنسية مع فرنسا، والدول الأوروبية والأمريكية الناطقة بالفرنسية، والدول الآسيوية الناطقة بالفرنسية، وخاصة بلدان أفريقيا السوداء والمغرب العربي… يمكننا تصور عدة طرق للتعامل مع هذا المجتمع الناطق بالفرنسية، على سبيل المثال رابطة الجامعات الناطقة بالفرنسية كليًا أو جزئيًا “.
عادت قبل فترة السينغال لتتصدّر اهتمامات وسائل الاعلام العالمية بعد حدث الانتخابات الرّئاسية التي تم وصفها بالزلزال السياسي، كانت انتخابات ديمقراطية، نالت اهتماما باعتبار أن البلاد تعتبر واحدة من أكثر الدول استقرارًا في غرب إفريقيا وتتميز بعلاقات قوية مع الغرب، في الوقت التي تشهد المنطقة تأثيرا إقتصاديا وسياسيا من قبل روسيا والصين.
اصبح “باسيرو ديوماي فاي” البالغ من العمر 44 عامًا رئيسًا جديدًا للسنغال. بعد ان أُطلق سراحه قبل عشرة أيام من الانتخابات ليتحول من مواطن مجهول إلى قائد دولة بما شكل انتصارا للمعارضة بعد أشهر من الأزمة عرفتها البلاد.
الرئيس السينغالي الجديد كان أصغر المرشحين الذين بلغ عددهم 19 مرشحا في السن.
قضى 11 شهرا في زنزانة بسجن “كاب مانوال” بالعاصمة السنغالية داكار، حيث زج به بتهمة ازدراء المحكمة وإهانة القضاء، لينضم لقيادات حزبه : “الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة” “باستيف “، الذي تم حظره بعد ذلك بشهرين فقط.
استفاد من أخطاء الرئيس المنتهية ولايته على المستوى السياسي ومصاعب الاقتصاد لقيادة حملة انتخابية من الواضح أنها أتت أكلها.
انتهج سياسة الاحتجاج السلمي والحضور الإعلامي والاستغلال الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي، وتقديم برنامج يعكس رؤية جيل الشباب.
ان حدث انتخاب مرشح من المعارضة يعتبر تغييرا تاريخيا في انتقال السلطة بالسينغال، ذلك لأنها المرة الأولى التي لا يترشح فيها رئيس منتهية ولايته. ولم يسبق للرئيس الجديد المنتخب أن تولّى أيّ منصب سياسي وطني منتخب وسيصبح خامس رئيس للسنغال وأصغر الرؤساء سنّاً في تاريخ البلد الواقع في غرب أفريقيا.
ليس الخطأ أن يولد المرء فقيراً، ولكنّ خطأه إذا مات فقيراً.