ماذا لو عاد ترامب لحكم الولايات المتحدة !؟

بقلم – أ. حذامي محجوب: رئيس تحرير

بدأت ملامح استحقاق رئاسية الولايات المتحدة تتشكل، وبدا هذا السباق الانتخابي محيرا إذ سيكون حسب المراقبين بين رئيس تجاوز عقده الثامن من العمر ورئيس شارف سن الثمانين.

بصفة عامة يبدو ان الأمريكيين مولعون بالعودة إلى الرئيس السابق، في انسجام مع النموذج الهوليودي الذي يجسده ذلك البطل روكي الثاني.

هل سيتكرر سيناريو انتخابات 2020؟ وهو سيناريو لم تشهده أمريكا من قبل؟.

صرح الصحفي لوك موقلسون صاحب كتاب “أمريكا الغاضبة”، بان انتخابات 2020 هي أفضع انتخابات في تاريخ الولايات المتحدة “وبان السياسة فيها أصبحت مصدرا للتقزز”.

 يتأسف الديمقراطيون على ضعف وهشاشة “الجد papy” بايدن كما ان عددا كبيرا من الجمهوريين سئموا سيرك ترامب المتواصل على حد تعبيرهم.

ومع ذلك يبقى الثنائي ترامب – بايدن الوحيدان الأكثر حظا في دخول السباق الانتخابي الرئاسي القادم.

لا شك ان مترشحا اصغر سنا سيكون أفضل باعتباره سيكون قادرا على التغيير في الإدارة الأمريكية وخلق ديناميكية جديدة في البيت الابيض، لكن هذين الشيخين متمسكان بالترشح وكل واحد منهما متأكد انه قادر على إزاحة الأخر.

يبدو ان دونالد ترامب قد حقق منذ تاريخ 5 نوفمبر تقدما في استطلاعات الرأي حسب صحيفة “النيويورك تايمز” في الولايات “المتأرجحة الست في أمريكا” swing states وهذا مصطلح سياسي يطلق على الولايات التي لا تحتوي على أغلبية سياسية جمهورية أو ديموقراطية، الأمر الذي يجعل مواقفها مُتغيّرة من دورة انتخابية إلى أخرى. لذلك تتجه أنظار الحملات الانتخابية إلى تلك الولايات تحديدا لمحاولة استمالة ناخبيها والفوز بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية.

ان ترامب متقدم بنسبة 4 إلى 10 نقاط (في هذه الولايات الحاسمة في نتائج الرئاسية).

 تحقق هذا الانجاز بحسب الملاحظين نتيجة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ إن الدعم الصريح من قبل الرئيس بايدن لاسرائيل لم يجد ترحيبا عند الشق اليساري للحزب الديمقراطي الذي يلوح بانه سيمتنع عن التصويت لبايدن.

مؤشر آخر يدل على تراجع شعبية بايدن وارتفاع حظوظ ترامب في الرئاسيات، ان 22% من الأمريكيين من ذوي الأصول الإفريقية عبروا عن نيتهم التصويت لترامب.في حين ان نسبة تصويتهم لترامب في سنة 2020 لم تتجاوز 8% وكانوا فقط 6% في 2016.

ورغم ان تعيين بايدن لكاميلا هاريس كنائبة له بهدف استدراج الناخبين من “ذوي الأصول الإفريقية” فان ذلك لن يشكل عنصر قوة في السباق الانتخابي القادم.

هنالك بعض النتائج الايجابية والتي تحدثت عنها لورانس ناردون من المعهد الفرنسي للعلاقات الدوليةً التي اعتبرت ان مواقف بايدن كانت قوية في مساندته لاوكرانيا وإسرائيل وهو بذلك قد فند الفكرة الحاصلة عند الراي العام الدولي والمتمثلة في انه منذ جيمي كارتر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ( 1977 – 1980 ) كان هنالك ضعف عند الديمقراطيين على مستوى سياسات الدفاع والخارجية.

 لكن رغم هذه المواقف الصارمة،فان بايدن لم ينجح في التأثير على الراي العام الأمريكي والفوز بمساندته. ورغم ان ترامب تلاحقه قضايا، فهذا لم يكن عائقا من صعوده في نسبة نوايا التصويت بل هنالك من المتابعين في أمريكا من يرى ان ترامب سيستغل هذه المحاكمات التي ستنعقد في الربيع القادم لصالحه وسيقدم نفسه كضحية لمؤامرات النخب الأمريكية والدولة العميقة وادارة بايدن نفسها.

كما ان المواعيد الانتخابية ستكون في صالحه لان أي حكم لن يصدر قبل الانتخابات.

تغيرت الأمور في الولايات المتحدة، فمن كان يعتقد قبل أسابيع ان ترامب له حظوظ في الانتخابات الرئاسية القادمة؟ وان بايدن يمكن ان يخسرها؟.

 ستكون العواقب وخيمة على العالم كله كما صرح النائب الالماني نوربرت روتغن عن الاتحاد المسيحي الديمقراطي ( اليمين CDU) الذي ينتظر ان ترامب سيوقف مساندة واشنطن لاوكرانيا، سيعتبر ان هذا الصراع هو اساسا اوروبي – اوروبي لا يهم أمريكا ولا يعنيها، وسيرفع شعار ” أمريكا اولا ” !.

 بل اكثر من ذلك يمكن لترامب ان يستعمل سلطته التنفيذية ليوقف الدعم السخي بلا حدود من الولايات المتحدة لاوكرانيا الذي وافق عليه الكونغرس وسيعمل على رفع نفس الشعار ” أمريكا اولا ” خلال حملته الانتخابية ” بل ربما سيذهب إلى حد التقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 كما سيدعو ترامب إلى لقاء ثنائي بينه وبين بوتين فور توليه الحكم وسيسعى لتوقيع قرار لوقف اطلاق النار لتجميد الصراع دون التشاور مع الاوروبيين، حلفائه في الحلف الاطلسي.

ان عودة ترامب إلى الحكم ستكون له كذلك عواقب وخيمة على منطقة الشرق الاوسط، لان ترامب سيكون له موقف اشد عداوة من بايدن تجاه كل من ايران والقضية الفلسطينية وسيقدم دعمه المطلق لاسرائيل مستفزا بذلك مشاعر كل الدول العربية والاسلامية،هذا ما لا يخفيه ترامب كعادته في اتصالاته وهو مازال مترشحا.

انه في انسجام تام مع موقف الإنجيليين المساندة المطلقة لاسرائيل، وهم يمثلون نسبة 20% من الناخبين.

 اما في آسيا، فان ترامب يمكن ان يعلن حربا اقتصادية ضد الصين لا احد يعلم عواقبها نظرا لما يخفيه التنين الاسيوي من قوة ومن عتاد.

وقد جاء في كتاب آن دي سين ” الولايات المتحدة والديمقراطية ان: ” ترامب سيعين وكيلا عاما وسيكلفه بالبحث في كل الخروقات التي قام بها الرئيس الذي سبقه لتشويهه “، وبعد ذلك سيضع كل الوكالات العمومية المستقلة اليوم مباشرة تحت سلطته كادارة التغذية والدواء التي تمنح الرخص للادوية، او مكتب حماية المستهلك ( الذي يحمي القدرة الشرائية للمستهلك الأمريكي ).

وسيسعى ترامب كذلك إلى تسريح الآلاف من الموظفين الذين يعتبرهم في خدمة الدولة العميقة باسم تطهير الادارة من الديمقراطيين وسيعين شخصيات موالية له في اعلى المناصب، ولا ننسى انه قد اطرد في عهدته الرئاسية الاولى مدير مكتب التحقيقات الفدرالي FBI , جايمس كوماي بعد ان طلب منه الاذعان له في اوج التحقيقات عن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية 2016.

ستكون اول خطوة له هي تعويض مدير مكتب التحقيقات الفدرالي ووزير العدل.وسيعين موالين له في هذه المناصب الحساسة لكي يقع التخلي عن كل الابحاث الفيدرالية التي تخص التهم الخطيرة الموجهة له.

وتوضح آن دي ساين: ” انه عن طريق القضاة الثلاثة للمحكمة العليا وال 250 قاض للمحكمة الابتدائية ولمحكمة الاستئناف الذي سيرجع تعيينهم كلهم إلى ترامب فور وصوله إلى السلطة ستتوقف السلطة القضائية عن لعب دور السلطة المضادة ولكن ستكون آلية من آليات السلطة او ذراع لها “، اما فيما يتعلق بمسالة الهجرة سيضيق ترامب اكثر على المهاجرين وسيرجع إلى القرارات المجحفة فيما يخص دخول الوافدين لاسيما من بعض الدول الاسلامية.

اذا عاد ترامب إلى البيت الابيض سنة 2025 سيكون ثاني رئيس يتحصل على عهدتين غير متتاليتين.

 كان اول رئيس حصل على ذلك هو الديمقراطي كروفر كليفلند ( 1884-1888) ثم ( 1892-1896).الذي لم يترك في الحقيقة اي اثر في نفوس الأمريكيين.

اما ترامب فانه سيترك دون ادنى شك اثره في تاريخ أمريكا كما يذهب إلى ذلك المؤرخ الأمريكي ايف ماري بيرون صاحب كتاب ” ارجاع السلطة”، يقول: ” يكفي ان لا احد من رؤساء أمريكا خلال 250 سنة قد شكك ورفض نتائج الانتخابات الرئاسية. لا احد تسبب في تمرد او شجع عليه ولا يوجد اي رئيس قد رفض تنصيب الرئيس الذي فاز بالانتخابات بعده “، لقد قام دونالد بكل ذلك في تحدي كبير لكل القوانين الأمريكية”.