ماذا يعني أن يكون المرء شيوعيا اليوم ؟!

بقلم – ابوبكر الصغير

بين الفشل والارتداد تكمن خيبة الأمل في كثير من الأحيان.

في الواقع، الفشل هو موضوع مناسب تمامًا للنقاش السياسي لأنه يقوم على عدم يقين أساسي يجعل دائما وجود مواقف مختلفة ممكنا.

 نحن نعتبر أن الفشل يشمل ما هو ممكن فقط على ما نفعله وعلى ما نتصور منه.

 أبدا الفشل مقبول على ما نحن عليه. لا يمكن أن يكون هناك فشل للأنا، مع خطر الوصول إلى مرحلة تصبح فيها الهشاشة النرجسية حرقا عميقا للذات.

 أظهر الباحثون بوضوح أنه من المستحيل تحديد علاقة سببية على وجه اليقين بين التدابير التي يتم تنفيذها في وقت معين والوضع الذي يجد المجتمع نفسه فيه بعد ذلك بوقت قصير.

 لإزالة الشك، سيكون من الضروري أن يكون المرء قادرا على التأكد من أن الوضعية في حالة مستقرة لا يمكن أن تتأثر إلا بالسياسة المنتهجة المعنية.

 لكن كيف تعرف ما الذي كان سيحدث بالفعل لولا التدابير التي يتم اتخاذها وما تؤدي إليه من كوارث !!.

 فالفشل هو نتيجة النية على زمانية متنوعة، عملية يجب تتبع نسبها.

 لذلك ينصب التركيز على الخلفية، لفهم كيف ولماذا انتهت هذه الصورة إلى الفشل: نشر الأفكار التي تم قمعها، الانطلاق في منظومة مغرية كانت حلما على ورق او نتاج تخميرات عقائد أو ايديولوجيات متخلّفة لم يعد يُحلم بتطبيقها إلا على هذه الأرض تونس.

 كان صحيحًا دائمًا أن احتمال فشل السياسة كان على الأقل مرتفعا مثل نجاحها.

 لكن عملية السياسة الحديثة تبدو وكأنها فشلت بشكل كامل – في الواقع، فشلا كبيرا.

 أهم الأمثلة الحالية ما عشناه من كارثة الربيع العربي وما خلفه من دمار وحروب أهلية شملت تقريبا نصف بلاد العرب.

 بعد 16 سنة من الغربة والنضال في صفوف المعارضة قرّر كمال الجندوبي مباشرة بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي العودة إلى ارض الوطن.

 نشط قبل ذلك في المهجر وترأس الشبكة الأوروبية لحقوق الإنسان ولجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس.

 صرّح يوم عودته انّه: “يحلّ بتونس في إجراء استثنائي ليعيش حلم الثورة” !!.

 قال كذلك إن أول ما سيقوم به زيارة قبر والديه اللذين لم يرهما بعد أن حرمته سلطات النظام السابق حضور جنازتيهما، وكذلك السفر إلى سيدي بوزيد للقاء الناشطين الثوار بعد حرق البوعزيزي نفسه !.

 لنراه بعد ذلك يشغل خطة وزير لدى رئيس الحكومة الحبيب الصيد المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، فمنصب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتنظيم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي فرئيس للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

بعد مغادرته الحكومة والمسؤوليات في تونس عين الجندوبي رئيسا لفريق الخبراء المكلف بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، أثار التقرير الذي عرضه أمام لجنة حقوق الإنسان بجينيف جدلا كبيرا إلى حدّ انّ بعض الجهات طعنت في مضمونه وكذلك مدى استقلالية وكفاءة اللجنة المذكورة لينسحب من رئاستها بعد ذلك وتبقى عديد الشكوك والشبهات تحوم حول الموضوع.

 يفاجئ كمال الجندوبي الوسط السياسي الوطني هذه الأيام بتقدير موقف مثير من خلال رفضه وصف ما عاشته تونس خلال العقد الماضي بالعشرية السوداء، كما رفض تحميل النهضة مسؤولية أخطاء المرحلة الماضية، ورفض الإقصاء والاجتثاث والحل الأمني الذي يعتمده رئيس الدولة قيس سعيد لإبعاد خصومه.

 دافع الجندوبي كذلك بشدة عن فكرة العيش المشترك ومصارعة الخصوم بالصندوق وبالفكر، واعتبر أن الرئيس قيس سعيد: “خائن للأمانة وللقسم !!”، وحمله مسؤولية تقسيم التونسيين عوض توحيدهم!!.

من المؤسف حقّا أن بعض سياسيينا يؤمنون بالقسمة، لهذا وضعوا شعبنا على جدول الضرب.

فللسياسة سرّها لو تعلمون انّه مطلسم..!. فهي بالنهاية ليست إلا دراما تصادم الإرادات.

سال احدهم مرّة عن معنى ان يكون المرء شيوعيا ؟ كانت الإجابة: صناعة الخيبة والفشل الدّائم !.