كارثة انسانية ومالية واقتصادية قد تصيب جهة القيروان إذا لم يتم الإنقاذ
تونس – القيروان – عرب 21:
في ظلّ هذه الظروف الصعبة التي تعيشها تونس، نحن في حاجة الى كلّ ساعد يكدّ ويجتهد، ولكلّ بذرة انتاج في حقل ولكلّ سنت او دولار من العملة الصعبة نوفّره من خلال تصدير منتوجاتنا.
ما سانقله مشاهدات بام عيني في منطقة القيروان حيث راهن احد ابناء الجهة وهو السيد الحبيب السبري بالاستثمار والانتاج، والاهم الاعتماد على امكانياته وموارده الخاصة وكذلك سواعد ابناء جهته لبعث مؤسستين عصريتين متطورتين اصبحتا مفخرة الجهة.
اتحدث تحديدا عن الشركة المتوسطية لتثمين الرمل والمعادن (SOMEVAM).
وشركة مروى لإستغلال ومعالجة المواد الإنشائية الدولية (SMETRAM INTERNATIONAL).
وهما مؤسستان تتعاطيان نشاط استغلال مقاطع الرمل وتثمينه محليا وتصديره كمنتوج مصنع او نصف مصنع بالتالي يعد من ضمن القطاعات التحويلية وهو التصنيف الذي ورد ضمن مذكرة شرح الأسباب عند إعداد قانون المالية لسنة 2023.
لكن صدر قانون المالية الذي نص في فصله 26 على أن بيع الرمل السيليسي هو نشاط صناعي ويعد من القطاعات التحويلية ولذلك تم إخضاعه عند التصدير إلى معلوم بـ 100 د للطن الواحد.
وقد سبق للمؤسستين وأن تقدمتا بمطلب إلى الهيئة التونسية للإستثمار حول إعادة النظر في مشروعهما المتمثل في معالجة وتثمين الرمل السيليسي والمعادن غير الحديدية وإعتبار هذا المنتوج مصنعا ويعد ضمن القطاعات التحويلية وبالتالي تمكين المؤسستين من الإنتفاع بالإمتيازات المالية والجبائية الممنوحة للتصدير.
وكان رد الهيئة المذكورة ضمن مراسلتها عدد 455 بتاريخ 8/5/2022 وأنه بعد عرض المشروع على أنظار اللجنة الوطنية للحوافز بالهيئة التونسية للإستثمار عدم الموافقة على إسناد المشروع الإمتيازات المطلوبة بإعتبار وأن نشاط معالجة وتثمين الرمل السيليسي والمعادن غير الحديدية يعتبر نشاطا استخراجيا وعدم الموافقة على تصنيفه ضمن الانشطة التحويلية.
علما وأن هذا القرار قد اتخذ بعد رأي وزارة الصناعة ووزارة المالية ومصالح الإدارة العامة للديوانة، بما يستشف مما سبق بيانه وأنه عند طلب الإنتفاع بالإمتيازات المالية والجبائية يعتبر نشاط معالجة وتثمين الرمل السيليسي والمعادن غير الحديدية نشاطا استخراجيا، ولكن عند إحداث قانون المالية الجديد لسنة 2023 الفصل 26 منه يعد نشاط المعالجة والتثمين تحويليا بإعتباره منتوجا مصنعا أو نصف مصنعا ويخضع لمعلوم بـ100 د الطن الواحد.
وبسبب هذا التضارب في أخذ القرارات تضررت المؤسستان بشكل جسيم ووصلتا إلى درجة الإفلاس , فإخضاعهما لمعلوم عند التصدير يقدر 100 د للطن الواحد كان قرارا بمثابة الضربة القاضية بما ادى الى التوقف الفوري لكل عمليات التصدير وإنهاء بالكامل النشاط بالمؤسستين.
لهذا تقدمت ادارة المؤسستين بمطالب توضيحية لدى الجهات المعنية قصد تفهم الوضعية ومراعاة الظروف كما قامت بالإستقصاءات حول تصدير الرمل السيليسي مقارنة مع الدول الأجنبية الأخرى وتم التخلي عن دفع المعلوم المذكور للرمل السيليسي الذي لا يتجاوز نسبة تركيز ثاني أكسيد السيليس 99,7% ورجعت الأمور إلى مجاريها وانطلقتا من جديد في إعادة التصدير، لكن مؤخرا حصلت الصدمة والمفاجاة بأن تم التراجع من جديد عما ورد بمذكرة السيدة المديرة العامة للديوانة وإرجاع الحالة لما كانت عليه أي إلزام المصدرين بدفع المعلوم المقدر بـ100 د للطن الواحد.
ومن المفارقة أن نفس الرمل السيليسي كان يصدر من طرف شركة أجنبية المتواجدة بنفس المنطقة مع المؤسستين التونسيتين وذلك على امتداد 22 سنة تقريبا وعند دخول المؤسستين المذكورتين الوطنيتين حيز الإنتاج وتصديرها للرمل المذكور خلال مفتتح سنة 2022 تم حرمانهما هما تحديدا من الإمتيازات وإحداث معلوم جديد بـ100 د للطن الواحد وهو موقف لا نجد له إجابة أو تفسير مقنع.
لكن بعد مراجعة مصالح الديوانة عن قرار الإعفاء من دفع المعلوم المذكور بعد الإستظهار بما يفيد نتيجة التحليل تعطل العمل وتوقفت المؤسستين عن كل نشاط علما وانهما تشغلان حوالي 850 عاملا.
مع الافادة أن سعر البيع للرمل السيليسي المعد للتصدير يقدر بـ60 د للطن الواحد وهو السعر المتداول عليه عالميا في كل من مصر والبرتغال وفرنسا وبيلجيكا وإيرلندا وغيرها من بلدان العالم بإعتبارها دولا تزاحم تونس في السوق العالمية، لكن بصدور قانون المالية لسنة 2023 تحديدا الفصل 26 منه المتعلق بإحداث معلوم بـ100 د للطن الواحد عند التصدير تم إقصاء المؤسسات الوطنية آليا من السوق العالمية ولم يعد لها أي حظوظ في المشاركة في المناقصات الدولية بل الاخطر تمّ تحميلها غرامات وخطايا تعد بمئات الملايين من الدنانير بإعتبار ان لها التزامات وعقود مع مؤسسات أجنبية اخرى مجبرة على تزويدها بمادة الرمل السيليسي على إمتداد 5 و10 سنوات وبصدور المعلوم المذكور في مرحلة أولى والتراجع عنه في مرحلة ثانية ثم الرجوع إليه في مرحلة ثالثة افقد شركاتنا الوطنية كل مصداقية مع تلك المؤسسات الاجنبية المتعاقدة معها وتم تحميلها المسؤولية القانونية كاملة بإعتبار ليست لدينا أسباب وأعذار شرعية ومقنعة.
مع العلم انّ انهيار هاتين المؤسستين التونسيتين ستكون له عواقب كارثية على المنطقة وعلى البلاد بشكل عام من ذلك:
– خسارة قرابة الف موطن شغل مباشر بالاضافة الى الالاف الاخرى غير المباشرة.
– حرمان البلاد من مداخيل بمائات الملايين من الدولارات هي في اوكد الحاجة اليها، خاصة في ظرف نرى فيه سعيها للاقتراض من الخارج ومن صندوق النقد الدولي.
– ضرب في مقتل حراك اقتصادي جهوي تعيش على وقعه كل مناطق الوسط.
– الاضرار بالتوازنات المالية لبنوك وطنية باعتبار ان المؤسستين المشار اليهما مدينتان بمبلغ في حدود 286 مليار من مليماتنا لمجموعة بنوك.
امام هذه الوضعية فالامل كبير من اصحاب الشركتين ومائات العاملين وآلاف الاسر وكل ابناء جهة القيروان في لفتة رئاسية كريمة بإعادة مراجعة الفصل 26 من قانون المالية لسنة 2023 الذي أقصى بصفة آلية من السوق العالمية المؤسسات التونسية التي استثمرت في هذا المجال على غرار ما قام به السيد الحبيب السبري.
مع الاشارة وكما عاينت شخصيا ذلك فان العمل متوقف الان في هذه المؤسسات وعندما يتامل المرء في عيون من يعملون وهم بالمائات لا ياملون الاّ انفراجة ولفتة عاجلة لانقاذ هذه الوضعية قبل الكارثة التي لن يكون فيها رابح واحد، بقدر الخسارة التي ستصيب الجميع.