مفاجآت قمَة مجموعة “البريكس”!.

بقلم – ا. حذامي محجوب – رئيس التحرير

انعقدت القمة الخامسة عشر لمجموعة “البريكس” (البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا) في العاصمة جوهانسبورغ (جنوب افريقيا).

 اختتمت دول “البريكس” هذه القمة باتفاقها على توسيع المجموعة ودعوتها لإرساء نظام عالمي.

 هيمنت الدعوات الرامية إلى توسيع المجموعة على جدول أعمال قمتها التي استمرت ثلاثة أيام.

 كشفت عن حجم الانقسامات داخل الكتلة نفسها بشأن وتيرة ومعايير قبول أعضاء جدد.

ستة بلدان ستلتحق بهذا النادي الذي يضم خمسة بلدان كبرى تمثل 40% من سكان العالم.

 تطمح هذه المجموعة الى ارساء نوع من التوازن في ظل نظام عالمي سيطرت عليه الى حد الان الولايات المتحدة والغرب.

 ستلتحق ايران والارجنتين ومصر والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة واثيوبيا الى «البريكس» في مطلع سنة 2024.

رحب الرئيس الصيني شي جين بينغ بهذا “التوسع التاريخي”، تنبأ ب “مستقبل مشرق لمجموعة البريكس”.

 اما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لم يتمكن من التنقل الى جنوب افريقيا تجنبا لاحراج الدولة المضيفة بعد مطلب اعتقاله بموجب مذكرة الجنائية الدولية فقد عبّر في مداخلة عبر الفيديو عن ” ارتياحه وسروره لنمو مجموعة البريكس حول العالم “.

لا شك ان القرارات المتخذة في قمم البريكس

تفترض توافقات، كانت النقاشات بين البلدان الاعضاء حادة للوصول الى موقف موحد خاصة حول مقاييس الانضمام الى المجموعة.

 كانت المحادثات الطويلة تفسر صعوبة نادي الخمس لتجاوز نقاط الاختلاف بينهم.

ان مقاييس الانضمام الى المجموعة بالنسبة للبلدان الجديدة بقيت ضبابية، فالشروط ليست واضحة، اذ تحرص المجموعة على الاحتفاظ بهذا الغموض في تقدير موقف عديد المراقبين.

ان المقياس الاقتصادي ليس العامل الوحيد لقبول مطلب ترشح جديد لبلد ما، والدليل على ذلك ان بلدانا مثل اندونيسيا ونيجيريا التي لها اقتصادات قوية ربما حتى اقوى من اقتصادات بلدان وقع قبولها كمصر واثيوبيا ومع ذلك تم رفض عضويتها ضمن المجموعة.

كان للصين ولروسيا الكلمة الفصل في قرار التوسعة الذي اتخذته هذه المجموعة ربما لان هذه التوسعة تزيد من توسع الصين ومدى تاثيرها في بلدان الجنوب بصفة عامة،اما موسكو فهي في حاجة اكيدة الى الحد من عزلتها اليوم.

كانت الهند والبرازيل اكثر البلدان في المجموعة تحفظا على قبول اعضاء جدد: الهند باعتبارها المنافس الاكبر للصين تخشى ان يخدم هذا التوسع السريع والهام بيكين، اما البرازيل فهي تخشى ان تفقد تأثيرها في هذه المجموعة.

ان نيودلهي التي تسعى ان تكون نموذجا للبلدان الصاعدة لها اجندة مختلفة تماما عن بيكين لان الصين مهووسة بخلق قطب سياسي – اقتصادي عالمي غايته التفوق على البلدان الغربية: ” لا نريد ان تتحول مجموعة البريكس الى منصة مناهضة للغرب وتخدم فقط مصالح الصين وروسيا “هذا ما قاله مصدر ديبلوماسي هندي.

ان الاستراتيجيا المتعددة الانحياز التي تتوخاها الهند تهدف الى توسيع نشاط محيطها الدبلوماسي من جميع الزوايا حتى ان اقتضى الامر ممارسة توازن دقيق.

ان الوزير الاول نارندرا مودي، صرح بانه ” سعيد ” لان مجموعة البريكس ببلوغها عدد 11 دولة هي تشكل 36% من الناتج المحلي الخام و46% من سكان العالم.

 شهدت القمة نفسها مفاجأة، اذ اجرى على هامشها، السيد مودي والرئيس الصيني شي جين بينغ بعض المحادثات،

فمنذ الاشتباكات العنيفة في جوان 2020 عند سفح جبال الهيمالايا في منطقة لاداخ، كانت اللقاءات بين الزعيمين نادرة.

 لقد ناديا ب” خفض التوتر وعدم التصعيد على طول الحدود المشتركة للبلدين “.

 كان خبر عدم قبول عضوية الجزائر صادما، لكن كذلك متوقعا إلى حد ما لأن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قرر عدم المشاركة في الحدث في آخر لحظة مفضلا إرسال وزير ماليته إلى هناك.

 لكن لا يجب ان ننسى انّ الرئيس الجزائري نفسه راهن على هذه العضوية وجعل ترشيح بلاده لل ” بريكس ” إحدى أولوياته السياسية والدبلوماسية، إلى حد أنه استبق الاحداث وأعلن في ديسمبر 2022 بفخر كبير لوسائل الإعلام الجزائرية أن: ” عام 2023 سيتوج بانضمام الجزائر إلى البريكس “!.

 في تقدير موقف المراقبين فانه بالإضافة إلى المكابح المرتبطة بالناتج المحلي الإجمالي الجزائري وتباطؤ الاقتصاد الذي يعتمد بشكل رئيسي على عائدات النفط، فإن هذا الرفض يعزى كذلك إلى حق النقض الذي استخدمته الهند اضافة الى عدم انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية وغيرها.

كما انّ بعض الدول لم تر بارتياح ملف الجزائر الذي ارتكز على الاعتبارات الايديولوجية والاستفادة من منطقة النفوذ الإقليمي لروسيا!.

اما بالنسبة لايران، فان هذا البلد الذي انضم الى مجموعة «البريكس» لا شك انه اكثر بلد مثير للجدل في البلدان الستة الجديدة، وقد احتفل هذا البلد على موقع X (تويتر سابقا) ب ” نجاح استراتيجي لسياسته الخارجية “، انه نجاح سياسي قبل كل شيءٍ لان ايران ماتزال تتخبط في مشاكل اقتصادية وسياسية صعبة “

لقد لاحظ حميد رضا عزيزى باحث في احد مراكز التفكير ببرلين، ” ان الوضعية الصعبة للاقتصاد الايراني الناتجة عن العقوبات الامريكية على اثر برنامجه النووي يشكل حجرة عثرة بالنسبة لطهران “.

فالجمهورية الاسلامية الايرانية لا تستطيع ان تتمتع باستثمارات البنك الجديد للتنمية، بنك مجموعة البريكس الذي تاسس في شانغاي، لان العمليات تقع فيه بالدولار.

اربعون دولة عبرت عن رغبتها قبل القمة الانضمام الى مجموعة البريكس، اثنان وعشرون من بينها قدمت مطلب ترشح.

ان توسيع المجموعة يعني تنمية وزنها الاقتصادي.

اليوم، عن طريق 11 دولة ستحقق مجموعة «البريكس» 36% من الناتج المحلي الخام -العالمي (من جهة تكافؤ القدرة الشرائية) و46 % من سكان العالم.

ورغم ان انضمام المملكة العربية السعودية الى هذه المجموعة سيساهم في تعزيز التاثير الديبلوماسي للمملكة في العالم، لكن العربية السعودية عبرت عن تحفظ وبعض الحذر بعد ان وقعت الموافقة على انضمامها لهذه المجموعة.

لقد صرح وزير الشؤون الخارجية السعودي، الامير فيصل بن فرحان بان: ” المملكة ستدرس بدقة مقترح الانضمام لمجموعة ” بريكس” قبل ان ” تتخذ القرار المناسب ” من هنا الى غضون 1 يناير 2024.

ان الموقف السعودي حكيم وعقلاني اذا ما عرفنا حسب مصدر مطلع قريب من دوائر القرار في العاصمة الرياض ان الشروط الدقيقة لانضمام المملكة الى مجموعة ” بريكس” لم يقع الاعلان عنها بعد، فمن حق المملكة ان تفهم ما هو مطلوب منها بالضبط ؟ قبل ان تقرر الالتحاق او الانسحاب من هذه المجموعة “.