ملك.. وشعب

الرباط – عرب 21 – ابوبكر الصغير:

 لا نحكم شعبا إلا بأن نريه المستقبل، القائد هو صانع الأمل وزارع الخير والمحفّز للانجاز والبناء والتضحية.

 ما اجمل ان تزور بلدا وترى عمق المحبة والتعلّق الذي يكنّه شعب لقائده، لملكه، لباني مجده.

 كان لي الشرف ان ازور المغرب قبل سنوات بعيدة، تحديدا في بداية تسعينات القرن الماضي بعد ان تلقيت دعوة رسمية من المملكة المغربية لحضور موكب تدشين مسجد المغفور له الملك الحسن الثاني بمدينة الدار البيضاء الذي كان مبهرا في عظمته وهندسته وسعته.

 اعود هذه الايام الى المغرب الحبيب لاكتشف بلدا آخر تماما، كلّ شيء جديد فيه، مدن لا تختلف في جماليتها ونظافتها وبنيتها الاساسية عن ايّ مدينة عصرية اخرى في بلد متقدّم.

 المغرب تغيّر تماما، بعيدا عن الاشكال القديمة للمدن القديمة حيث يهيمن تاريخ عريق بجميع تفاصيله المعمارية، تفرض الأحياء الحديثة وجودها وتستقطب الساحات والشوراع الكبيرة ذات الطابع الأوروبي نفسها لتعلن انك في مغرب عصري آخر “صديق للبيئة ” بالتواصل مع الطبيعة والاسترخاء والتأمل بكلّ هذه المساحات الخضراء والحدائق المنتشرة في كل ارجائه.

 اعتمد المغرب في السنوات الاخيرة سلسلة من اهم الإصلاحات الاقتصادية والسياسية غيّرت تماما وجه البلاد بما بوّاها حسب تصنيف امريكي مرتبة من اقوى الدول في محيطها الاقليمي والقاري والافضل اداء انمائيا على كل المستويات.

 لقد جعلت سياسة الدولة في الإصلاح الاقتصادي وتغيير القوانين والخوصصة من المغرب افضل وجهة استثمار في منطقته وهو يتوفّر اليوم على اكبر واهم سوق منفتح ومتنوع.

 يشير نفس التصنيف الامريكي الى انّ المملكة المغربية حلت في المرتبة الـ47 عالمياً في مؤشر أفضل دول العالم.

 انّ أساس النجاح في الحكم هو أن يستفيد القائد أقصى ما يمكن من قوة ابناء شعبه، وهذا ما شاهدته شخصيا هنا في المغرب الذي يبهرك شعبه بلطفه وطيبته وكرمه وكذلك نخبه النيرة من هذه الفئات من الشباب المتعلّم الذي يقود بلاده بتميّز وابهار.

 نجح الملك محمد السادس ان يوفّر كلّ مناخات الاستقرار والعمل والبذل من اجل المملكة وان يدفع بشعبه الى الكدّ والجدّ فعانق الامتياز في هذه المهمة باعتبار القيادة هي إعلان الرؤيا، وتجسيد القيم، وتهيئة البيئة لتحقيق الإنجاز.

 في تقدير موقف المراقبين هنا بالمغرب فلئن كانت الفترة السابقة من حكم الملك محمد السادس تميزت بكثير من الجدية والعمل، اضافة الى الثقة التي يتبادلها الملك مع شعبه، فإن المرحلة المقبلة ستتميز ايضا بنفس القيم، بمواصلة الإنجازات والإصلاحات بوتيرة اقوى واسرع.

 بالتوازي مع ذلك لا يجب ان يغيب عنا مدى حرص المغرب على وحدة اراضيه وقد برز ذلك في الجدية الكبيرة التي طبعت العلاقات الدبلوماسية للمغرب مع شركائه عبر كل دول العالم، والتي احتلت فيها قضية الصحراء المغربية مقدمة المواضيع المطروحة في علاقاته الدبلوماسية، وهي القضية التي اراد لها الملك ان تطرح بدون أية مزايدات، بل بدون أية ازدواجية في مواقف شركاء المملكة عبر العالم، لهذا توالت خلال الفترة الاخيرة اعترافات الدول الكبرى بسيادة المغرب على صحرائه وفي مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة الامريكية والعديد من الدول الاوروبية كإسبانيا والمانيا وبلجيكا وهولندا الخ..  قلّما تجتمع العظمة والخير في رجل واحد، وهو ما لمسناه وشاهدناه في ملك مغربي اسمه محمد السادس الذي ادرك ان الطريق إلى هذه العظمة هو أن يكون جنبا إلى جنب مع شعبه الذي احبه وتعلق به واوفى واخلص له.