مناهضة الصهيونية: قضية إنسانية.!.

بقلم – أ. حذامي محجوب: رئيس تحرير

بعيدا عن ساحات الحرب وصوت المدافع.

قبل بضعة أيام، تحديدا يوم 10 ماي 2024 انعقدت في مقر المركز الفرنسي للأبحاث في تونس، مائدة مستديرة حول كتاب ” مناهضة الصهيونية: في البداية قصة يهودية “، الذي صدر في نهاية سنة 2023.

كان الحوار ثريا بحضور احد المؤلفين الثلاث للكتاب الذين هم: ميشيل سيبوني، نور الدين دوقي، وصوفي بيسيس.

كتاب يحمل على غلافه رسما معبرا ل” قطعة عملة يرجع تاريخها إلى سنة 1927، كُتِبَ عليها اسم الدولة “فلسطين” باللغات الثلاثة: العربية والإنجليزية والعبرية.

هذا الكتاب الذي يضمّ 250 صفحة، عبارة عن تجميع لحوالي 50 نصًا (لأول مرة باللغة الفرنسية) من نهاية القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا.

المساهمون في هذا المشروع مثقفون، رجال دين، سياسيون، ثوريون، ليبراليون، إنسانيون… جميعهم يعارضون لأسباب مختلفة شرعية وخطورة وعواقب المشروع الاستيطاني الصهيوني.

تشرح لنا هذه النصوص المجمعة كيف تم تحويل الديانة اليهودية إلى قومية، تبرهن على انه لا توجد قداسة للأرض في الديانة اليهودية!.

كان وزير الجيش البريطاني في ذلك الوقت ( وهو من  الديانة اليهودية) قد اعترض على الصهيونية أمام بلفور: “لا يجب الدفاع عن وطن يهودي في فلسطين”.

ان الحجة الكبرى للصهيونية ضد اللاّصهيونية، أنه في سنة 1901 اقحمت عقيدة جديدة في الديانة اليهودية بكون: “عدم دعم الصهيونية هو خيانة لليهودية “.

تمددت الصهيونية وسيطرت، لان النازية والإبادة هما من شرع لها.

لم يكن جميع المناهضين للصهيونية متفقين بنفس الطريقة.

بعض هؤلاء الفاعلين قاموا بمراجعات وتطوّروا في مواقفهم من النضال ضد الصهيونية إلى معاداة ظرفية للصهيونية… ” ان انتقاد التجاوزات يسمح للاّصهيونية باكتساب أهمية “.

من بين الأسماء التي تسجل في هذه الأنتولوجيا من النصوص من عام 1885 إلى 2020، تبرز ” حنة أرندت ” التي تعتبر مناهضة للصهيونية “.

كما ان نداء أولغا في عام 2004 جاء مثيرا جدًا للاهتمام !.

أمام الانشغال الكبير للجمهور، وتساؤلاته استغرابا من ” الدعم” الأوروبي لإنشاء “دولة ما يسمى بالأمة اليهودية”، تجيب صوفي بسيس التي قالت قبل فترة لصحفي فرنسي: “أنا تونسية يهودية وليس العكس…”، عندما يصفها ب “الداعمة للفلسطينيين” ترد: “أنا مناهضة للاستعمار: ” الفلسطينيون هم بشر وإذا أصبحوا مضطهِدين…”.

تشرح صوفي بسيس: “ان تبرئة هذا الجزء من الغرب… في الشرق الأوسط يخدم الغربيين لتبرئة أنفسهم”.

فيما يتعلق بتصريح الرئيس الفرنسي بكون ؛ “اللاّ صهيونية هي الشكل المعاد اختراعه للمعاداة للسامية ” خلال الذكرى الخامسة والسبعين لاعتقال فيلودروم دي إيفر 2017ز، ترد صوفي بسيس: “إذا نظرنا جيدًا إلى هذا التشبيه، فإننا نصل إلى تجريم اللاصهيونية “.

ان تاريخ معاداة غير الصهيونية هو غير معروف بشكل جيد في العالم العربي. غالبًا ما يحدث الخلط بين اليهودية والصهيونية.

تعتبر صوفي بسيس ان تجاوز القوميات هو الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى حل مشكلة فلسطين “.

تضيف ان: ” كل القوميات تستعدي بعضها البعض…”

اما الكفاح من أجل التحرر الوطني فهو يختلف عن القومية التي هي اساسا أيديولوجية تفرق وتقسم.

نقاش ثري وعميق بعيدا عن كلّ اشكال التشنج، حيث تم التطرق فيه إلى الإنجيلية الصهيونية، وطرح التناقضات…

هناك أسف لفقدان الأصدقاء اليهود بسبب خلافاتهم حول القضية الفلسطينية…

“ما يحدث في فلسطين اليوم لا ينظر اليه الشباب في العالم لا من وجهة نظر دينية ولا عرقية قومية بل يعتبرونه ” مرادفًا عامًا للقمع،وسلبا للحقوق والحريات “.