وضعت منطقة الشرق الأوسط، أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم، نصب أعينها أن تصبح مُصدرًا رئيسيًا للطاقة النظيفة من خلال الهيدروجين الأخضر.
أكبر منتجي النفط في الخليج العربي انضموا إلى ركب الهيدروجين الأخضر المنتج من التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، حيث بات الأمر يكتسب زخماً من الحكومات وأكبر شركات النفط العالمية.
من المتوقع أن يلعب الهيدروجين دورًا بارزًا في خفض انبعاثات الكربون من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة. والشرق الأوسط لا يريد أن يفوت هذه الفرصة، بحسب مقال نشره موقع Oil Price المتخصص في أخبار الطاقة.
فمن ناحية، تريد المنطقة أن تُظهر للعالم أنها تستطيع تصدير الطاقة النظيفة – ليس النفط الخام فقط – مع تسارع التحول العالمي للطاقة. ومن ناحية أخرى، فإن الاقتصادات المعتمدة على النفط في بعض أكبر منتجي منظمة “أوبك”، مصممة على التنويع في مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط.
دبي وعمان.. مشاريع ضخمة
في الأسبوع الماضي، تصدّر إعلانان عن مشاريع للهيدروجين الأخضر في الشرق الأوسط عناوين الصحف، فقد أطلقت دبي أول مشروع هيدروجين أخضر على نطاق صناعي في المنطقة، بينما أعلنت عُمان عن خطط لبناء واحد من أكبر مصانع الهيدروجين الأخضر في العالم.
دبي المنتمية إلى دولة الإمارات، ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، أنشأت أول منشأة هيدروجين أخضر على نطاق صناعي تعمل بالطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالتعاون مع شركة سيمنز إنرجي.
خلال النهار، تستخدم المحطة بعض الكهرباء الكهروضوئية من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي. وفي الليل، يتم تحويل الهيدروجين الأخضر إلى كهرباء لتزويد المدينة بالطاقة المستدامة، كما تقول شركة سيمنز إنرجي.
من المتوقع أن يولد Solar Park (مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية)، ما يصل إلى 5 جيجاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، كأكبر حديقة شمسية في موقع واحد في العالم.
وتعتقد الشركات في المنطقة، وشركاء التكنولوجيا الدوليون، إلى جانب المحللين، أن دبي ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها تتمتع بمستقبل مشرق في مجال توليد الطاقة الشمسية، بالنظر إلى وفرة أشعة الشمس في المنطقة.
قالت شركة سيمنز للطاقة: “على خلفية انخفاض تكاليف الكهرباء من الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح في المنطقة، فإن الهيدروجين لديه القدرة على أن يكون وقودًا رئيسيًا في مزيج الطاقة في المستقبل، ويمكن أن يفتح فرص تصدير الطاقة في تلك المناطق التي تتمتع بإمكانية الوصول إلى مصادر الطاقة المتجددة الوفيرة”.
وقال كريستيان بروش، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز للطاقة، في مقابلة لشبكة CNBC، إن الإمارات يمكن أن تصبح دولة مصدرة للهيدروجين.
منتج نفط آخر في الشرق الأوسط، هو عمان – التي ليست عضوًا في أوبك ولكنها جزء من تحالف “أوبك+” – أصدر أيضًا إعلانًا رئيسيًا حول الهيدروجين الأخضر.
وقد أعلنت شركة الطاقة العمانية المملوكة للدولة OQ، وشركة InterContinental Energy المطورة للوقود الأخضر ومقرها هونغ كونغ، والمستثمر والمطور في مجال الطاقة النظيفة في الكويت، EnerTech، عن خطة لواحدة من أكبر منشآت الهيدروجين الأخضر في العالم.
سيتم تشغيل المحطة بـ 25 جيجاواط من الطاقة المتجددة، ويمكن أن تكلف ما يصل إلى 30 مليار دولار.
وقالت InterContinental Energy: “نظرًا لموقعه الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا، فضلاً عن الإشعاع الشمسي الممتاز ومورد الرياح المواجه لبحر العرب، فإن المشروع في وضع جيد لتقديم إمداد آمن وموثوق به من الوقود الأخضر على مستوى العالم بسعر تنافسي للغاية”.
من جانبه، قال سالم الحثيلي، الرئيس التنفيذي للطاقة البديلة في OQ: “تعد الطاقة البديلة محركًا رئيسيًا لنمو OQ طويل الأجل وحجر زاوية في استراتيجيتها. كما أنها تتماشى مع رؤية عمان الطموحة لعام 2040 التي تهدف إلى تنويع موارد الدولة وتعظيم القيمة المالية المستمدة”.
السعودية ضمن الركب
من جانبها، تتطلع السعودية، أكبر منتج للنفط في المنطقة وأكبر مصدر للنفط في العالم، إلى مشاريع الهيدروجين الأخضر وحصة من سوق الهيدروجين النظيف الناشئة.
وقد وقعت نيوم، المدينة المستدامة المستقبلية التي روج لها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، اتفاقًا العام الماضي مع شركة Air Products وشركة أكوا باور السعودية لمشروع إنتاج الأمونيا الخضراء القائمة على الهيدروجين بقيمة 5 مليارات دولار، بهدف تصدير المنتج.
تشير كل هذه الخطط إلى أن القوة النفطية في الشرق الأوسط، ليست محصنة ضد تحول الطاقة والطلب العالمي المتزايد على منتجات الطاقة النظيفة.