وفد وزاري عربي اسلامي اليوم في بيكين لبحث الحرب الإسرائيلية على غزة

بقلم : نورالدين المازني – خبير في الشؤون الدولية ومستشار سابق لأمين عام منظمة التعاون الإسلامي

عواصم – عرب 21 :

بإمكان العالم الإسلامي بذل المزيد من الجهد لنصرة قضية القدس وفلسطين، قضيته الاولى والتي من أجلها تأسست منظمة التعاون (المؤتمر) الإسلامي…

أعلنت وزارة الخارجية الصينية قبل يومين عن زيارة وفد عربي اسلامي مشترك الى بيكين مطلع هذا الاسبوع لبحث موضوع ” الحرب الإسرائيلية على غزة ” كما جاء في نص هذا الإعلان.

حدث مهم يشكل بداية عملية لتنفيذ قرارات اول قمة عربية اسلامية طارئة احتضنتها الرياض مؤخرا، وستتلوها زيارات اخرى إلى كبرى العواصم العالمية حشدا للدعم الدولي من اجل ايقاف العدوان الاسرائيلي الوحشي على غزة ونصرة القضية الفلسطينية.

يضم الوفد أمين عام منظمة التعاون الإسلامي السيد حسين ابراهيم طه، ووزراء خارجية كل من المملكة العربية السعودية التي تتراس بلاده حاليا القمتين العربية والإسلامية ونظرائه الفلسطيني والمصري والاردني الى جانب وزيرة خارجية اندونسييا التي يعتبر بلدها اكبر البلدان الاسلامية في العالم من حيث عدد السكان اذ يفوق المائتي مليون نسمة، من العلم ان الحكومة الاندونيسية رفضت الى حد الان اقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل رغم كل الضغوطات والعروض المغرية مقابل تبادل السفراء مع تل ابيب، التزاما منها بدعمها الثابت للحق الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وربط الاعتراف بتحقيق هذا الشرط الأساسي، ولعل وجود المستشفى الاندونيسي في قلب مدينة غزة كهدية من الشعب الاندونيسي لأبناء القطاع، خير مثال على هذا الدعم المبدئي، على غرار دول اخرى آسيوية غير عربية أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لديها سفارات فلسطينية ولا علاقات رسمية لها مع إسرائيل، مثل ماليزيا التي تقيم فيها جالية فلسطينية مهمة اغلبها من الطلبة الذين يدرسون في جامعاتها حيث يحظون بامتيازات واسعة، وكذلك باكستان وبنغلادش وهما بلدان مؤسسان للمنظمة الاسلامية الدولية التي تضع قضية فلسطين والقدس الشريف في طليعة اهتماماتها باعتبارها ” قضية المسلمين الاولى “.

شخصيا، وبالنظر الى خبرتي الطويلة في العالم الاسلامي بمكوناته العربية والافريقية والاسيوية والتي اكتسبتها طوال عقدين من مسيرتي المهنية، عملت خلالهما كمستشار لاربعة أمناء عامين متتالين لمنظمة المؤتمر الإسلامي – التعاون الإسلامي حاليا- اسمح لنفسي بان أؤكد ان هذه المنظمة مرشحة اليوم للعب ادوار مركزية في القضية الفلسطينية وغيرها من قضايا العالم الاسلامي بعد الانفراج الحاصل في العلاقات بين دول وازنة وذات ثقل إقليمي كبير ضمن اعضائها، مثل ماحصل بين إيران والمملكة العربية السعودية وذلك بفضل وساطة صينية هادئةو ناجعة، كان لها احسن الأثر في إعادة ترميم الجسور بين الرياض وطهران بعد قطيعة استمرت لسنوات، اضافة الى انفراجات اخري على غاية من الاهمية حصلت بين تركيا ومصر وبين هذه الاخيرة وايران الى جانب عودة الدفء الى العلاقات بين بعض البلدان الخليجية ذاتها…

ويتذكر الجميع قولة امين عام جامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط في المؤتمر الصحفي الختامي لقمة الرياض الاخيرة لدى تعليقه على ما صدر عنها من قرارات صادقت عليها 57 دولة تمثل ” ما يقرب من ثلث عضوية الأمم المتحدة، وتقول فيه لإسرائيل والعالم الغربي ” لا “، على حد تعبير المسؤول العربي الذي اضاف ان هذا الموقف يشكل ” ضغطًا شديدًا على من أسرعوا وأتاحوا لإسرائيل الورقة البيضاء التي على أساسها تصرفت بتلك الصورة الهمجية “…

وواقع الحال ان هذه الدول57 هي مجمل أعضاء منظمة التعاون الإسلامي، ثاني منظمة دولية بعد الأمم المتحدة وتمثل قرابة ملياري مسلم هم سكان تلك الدول مع احتساب الاقليات الاسلامية المنتشرة عبر العالم…

ومهما كانت التقييمات بخصوص قرارات قمة الرياض العربية الاسلامية المشتركة ومدى استجابتها لتطلعات شعوب المنطقة واولها الشعب الفلسطيني، فإني ارى ان هذا التجمع العربي الإسلامي ستكون له كلمته بعد وقف اطلاق النار الشامل في غزة الذي تشارك في جهود التوصل اليه منذ البداية عدد من الدول العربية والاسلامية، قبل الدخول في مرحلة ما بعد الحرب بحثا عن حل سياسي دائم يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967 وعاصمتها القدس الشرقية..و قد اقترحت تركيا في هذا الاطار عقد مؤتمر دولي بمشاركة طرفي النزاع الرئيسيين، وهنا من الضروري ان يتوحد الصف الفلسطيني حول اساسيات الحل النهائي، حتى لا يترك مجالا للطرف المقابل المناورت الخبيثة قصد عرقلة حل الدولتين، وهو خيار أصبح اليوم محل اجماع دولي واضح وخاصة في الغرب، باعتباره الضمانة الوحيدة لعودة الاستقرار الى منطقة الشرق الأوسط..

 وما كان هذا الاهتمام العالمي غير المسبوق بالقضية الفلسطينية ليحدث وما كان ان يجد هذا التعاطف الشعبي الواسع من أصحاب الضمائر الحية في العالم بعد سنوات من النسيان والتهميش، لولا صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته الجسام بعد زلزال السابع من أكتوبر الذي ذكر الجميع بمأساة شعب يقبع تحت نير الاحتلال منذ أكثر من نصف قرن..