‏‎في لا معنى مفهومي المصطلحين: “الإصلاح الديني” و “الاجتهاد في الدين الإسلامي”

بقلم – عفيف البوني

يعني الإصلاح في اللغة إعادة الشيء الفاسد إلى ما كان عليه من قبل، قبل حصول الفساد أو العطل أو التقادم الخ… نحن نصلح عطب السيارة إن تقادمت أو أن تعطلت بحادث سير، نرمم البناية المتداعية وهكذا…لكن كيف يكون “إصلاح” الدين؟ أو الإسلام؟ هناك في ما أعرف من قواعد العلم والمعرفة شيئين لا يمكن إصلاحهما بمعنى لا يمكن مس الأصل كما كان وإلا اعتبر ذلك إفسادا أو تزييفا فحتى تركيز البناءات الأثرية لا يجب أن تدخل أية تحسينات عليها لا في الشكل ولا في الأصل بل يتوقف التركيز على منع التهالك وإبقاء ما أمكن من الأصل كما هو.

هناك شيئان لا يمكن أن يقع المساس بهما وهما: الوثائق المكتوبة أو المصورة التاريخية وغيرها حتى الأخطاء التي قد تكون بها لا يجب إصلاحها وان كان يجب التنبه لها والتعقيب بكيفية ما كان يجب ان يكون عليه الصواب في الأصل. والأمر الثاني الذي لا يجب المساس بأصله هو النصوص المقدسة فهي أيضا كالوثائق التاريخية يجب الحفاظ عليها كما هي، فحتى أخطاء الصرف والنحو والرسم يجب أن تبقى كما هي، هذا في مستوى الشكل، لكن في مستوى الجوهر أي المضمون كيف يكون التعامل مع النصوص المقدسة في الزمن المعاصر؟ تلك هي الإشكالية الجوهرية التي نحن يصددها.

كثيرة هي الكتابات والتنظيرات لرجال الدين والفكر والسياسة منذ القرن التاسع عشر وإلى اليوم، التي تنادي أو تؤكد على “الإصلاح الديني، وعلى الاجتهاد في الإسلام”، ومع ذلك نلاحظ أن اخطر ما يحصل في واقع المسلمين هو صراعهم في ما بينهم إلى حد التقاتل والحروب الأهلية وممارسة الإرهاب الأعمى بدعاوي دينية وطائفية مقيتة.

قبل أن أعود لمناقشة ما طرحته في العنوان أي: لا معنى لمفهومي مصطلحي “الإصلاح الديني والاجتهاد في الإسلام”، سأذكر عددا من الآيات القرآنية ثم أعود لمعالجة الإشكالية: (و السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم)المائدة /38. (و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص…) المائدة/45. (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقولوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا في الأرض…)/المائدة/33. (لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح بن مريم…) المائدة/17.

(الرجال قوامون على النساء…) النساء/34.

(فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث و رباع…)النساء/3.

(فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى اذا ثخنتموهم فشدوا الوثاق….) محمد/4.

(بل رفعه الله إليه….)(المقصود عيسى)، النساء/158.

(قالت رب انى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر….) عمران 47,( المقصود مريم).

(فتقبلها ربما بقبول حسن وانبتها نباتات حسنا…) عمران/37, (المقصود مريم).

(( والنفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف…) المائدة /45.

كيف لأي فقيه مهما تضلع أن “يصلح” ما نصت عليه هذه الآيات ؟ كيف له أن “يجتهد” في جوهر ما نصت عليه الأحكام القرآنية؟

معاني هذه الآيات واضحة للمسلمين وأحكامها صريحة وباتة وتأويلها بمنطق الفقهاء القدامى في عصور خلت، لم يعد ممكنا اليوم، ولا معنى للآيات المذكورة بغير ما تضمنته، أي أما يجب تطبيقها كما هي أو الحكم بإلغاء أحكامها لأن التطور فرض ذلك وقوانين وقيم العصر تمنع تطبيق تلك الأحكام، وبالتالي لا معنى للإصلاح الديني ولا معنى للاجتهاد في أحكام النصوص المقدسة…و الصواب هو ان تقول بوقف تنفيذها بمنطق عقل المسلم بل وبمنع وربما تجريم من يقوم بتنفيذها بمنطق القانون الوضعي اليوم في دولة ديمقراطية ومجتمع مدني.

الإصلاح لا يكون في الأديان ولا في نصوصها المقدسة في ما يخص الحياة العامة، وكذلك لا يجب تسمية التلفيق الفقهي بـ”الاجتهاد”.