بقلم – حذامي محجوب
رئيس التحرير
في يوم تنصيبه، في 20 يناير 2021، أكد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن عن “انتصار الديمقراطية”، فهل هذا أمر منذر بمواجهة جديدة مع روسيا والصين؟
أعتقد أن جو بايدن كان يعني أن الديمقراطية نجت من الأزمة التي تسبب فيها الرئيس السابق دونالد ترامب والتي وصلت إلى اوجها مع غزو أنصار ترامب لمبنى الكابيتول هيل في 6 يناير.
لقد أراد جو بيدن بهذا التصريح طمأنة الأمريكيين وبقية العالم من ناحية، ولكنه كان كذلك يرد بشكل غير مباشر على انتقادات الأعداء الذين دقوا اسفين الديمقراطية الأمريكية ورددوا بأن النظام الأمريكي قد فشل، أو “انهار”، كما وصفه المعلقون الصينيون مثل هو اكسيجين “Hu Xijin. رئيس تحرير اليومية الصينية جلوبال تايمز”.
لطالما كانت لواشنطن علاقات معقدة وشائكة مع موسكو وبكين.لذلك تعد مواجهة الصين من أكبر التحديات التي تواجه الولايات المتحدة، ويبدو أن بيدن سيواصل نهج الإدارة السابقة، هذا ما أكده وزير الخارجية الأمريكي آن توني بلينكين “إن تصرفات الصين في شينجيانغ ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية”. لقد استعمل نفس المصطلح الذي استخدمه سلفه مايك بومبيو.
عندما يتعلق الأمر بروسيا، من ناحية أخرى، من المرجح أن تكون الولايات المتحدة مع جو بيدن أكثر مواجهة ومستعدة للدفاع عن الناتو وتقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا.
من الممكن كذلك حدوث احتكاكات ومواجهات جديدة على عدة جبهات. ستكون حقوق الإنسان من أولويات الولايات المتحدة في المفاوضات مع الصين وروسيا.
خلال أول اتصال هاتفي بين الرئيسين، ضغط جو بايدن على فلاديمير بوتين خاصة بعد حادثة التسميم في أغسطس 2020 واعتقاله لخصمه أليكسي نافالني في يناير 2021.
من المرجح أن مسالة الحرية السياسية في روسيا وكذلك تدخل موسكو في الحركات الديمقراطية في البلدان المجاورة، كبيلاروسيا، ستكون من أولويات جدول أعمال بايدن لحقوق الإنسان.
إلى جانب حقوق الإنسان، كذلك هنالك مجالات أخرى ستتصدر هذه المواجهة بين أمريكا وكل من الصين وروسيا، هي أكثر أهمية وهي أساسا قيادة العالم، المسألة العسكرية والحرب التجارية.
سيتعين على إدارة بايدن التعامل مع كل هذه القضايا. على الجبهة العسكرية، أرسلت الصين بالفعل طائرات مقاتلة إلى مضيق تايوان، كاستعراض للقوة ضد الولايات المتحدة. لذلك يتوقع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان قد يبدأ منذ هذه السنة.
أما فيما يتعلق بقيادة العالم، فإن بعض خطابات بايدن تؤشر بتوجه نحو الحد من تمدد العملاق الصيني، فالصين هي المنافس الأول،المهم والخطير على الساحة العالمية. لذلك من المرجح أن تذهب إدارة بايدن إلى تقديم الصين إلى بقية الدول باعتبارها تشكل تهديدًا للنظام العالمي وأن تحث الدول الديمقراطية الأخرى على الاتحاد للدفاع عن قيمها وحماية نفسها.
أما عن المؤسسات الدولية ذات النفوذ الصيني. على عكس دونالد ترامب، الذي ألقى باللوم على الصين واتخذ موقفًا أكثر انعزالية، يريد الرئيس الحالي ردًا متعدد الأطراف. فقد أعاد بيدن العلاقات مع المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية واتفاقية باريس للمناخ، بالتعاون الوثيق مع حلفاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ على وجه الخصوص.
أخيرًا، ستظل الحرب التجارية أيضًا مشكلة مستمرة تحت قيادته، ولا يبدو أن جو بايدن في عجلة من أمره لحلها. الموقف الشائع في واشنطن بشأن العلاقة الأمريكية – الصينية،وخاصة في أوساط المال والأعمال – هو أنها أحادية الجانب، ومنحازة بشكل غير عادل لصالح بكين. صرح بايدن نفسه علنًا أن الصين انتهكت مرارًا وتكرارًا معايير التجارة الدولية وأنه يجب على الولايات المتحدة أن تتصدى بصرامة لسلوك الصين المدمر، أما بشأن القيادة الدولية، فستحاول إدارة بايدن جذب المزيد من الحلفاء للانخراط في سياسة تجارية عالمية متماسكة لمقاومة المد التجاري للصين وتوخي سياسة دقيقة وهادفة لبلوغ هذا الهدف بدلاً من الإجراءات الشاملة التي وضعها ترامب.
ان الطريقة التي تستغلها الصين لصالحها في إدارة الكوفيد 19 والانتعاشة الاقتصادية التي حققتها يمكن أن يمنح الرئيس شي جين بينغ ميزة خاصة على المستوى الداخلي،فلا وجه المقارنة مع الولايات المتحدة ولا كذلك مع الكثير من دول العالم، لا شك ان هذه المقارنة مفيدة للدعاية للنظام الصيني والقادة الصينيين.
لقد اظهر الحزب الشيوعي الصين على أنها “الفائز” و” المنتصر ” بدون منازع في الحرب ضد الفيروس وكقائدة عالمية في التصدي ومقاومة الوباء. من اللافت للنظر كيف انتقلت تغطية الوباء من التحقيق في إخفاقات الحوكمة التي أدت إلى وباء ووهان، إلى بطولات وملاحم تحتفل بقوة الصين وانتصارها في نهاية المطاف على الفيروس.
لذلك لاشك أن الفترة القادمة ستكون حاملة للعديد من المواجهات بين العمالقة.